كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

وَجَعَلْتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّماً فَلا تَظَالَمُوا، يا عِبادِي إنَّكُمُ [الَّذِين] تُخْطِئُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكلامه نوع احتمال، قيل وقضية الحديث جواز إطلاق النفس على الله تعالى اهـ. وهو ظاهر حيث كان من باب المقابلة كآية {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} وكما هنا فإن المعنى حرمته على نفسي فنفوسكم بالأولى كما أفاده وجعلته بينكم محرماً فيحرم إطلاقه في محل لا مقابلة فيه لإيهامه حقيقة النفس وهي محال في حقه تعالى وقيل بجوازه حينئذٍ أيضاً وفي تقدم بيان وجهه في باب فضل الذكر وفارق على الأولى جواز إطلاق لفظ الذات عليه سبحانه كما في قول خبيب رضي الله عنه وذلك في ذات الإله الخ بأن ذات الشيء حقيقته فلا إشعار فيها بحدوث البتة بخلاف النفس فإنها تشعر بالنفس والحدوث فامتنع إطلاقها عليه تعالى (إلا في المقابلة إذ هي قرينة على أن المراد) غير حقيقتها وما يتبادر منها وأيضاً ففي إطلاقها عليه تعالى من غير مقابلة إيهام شمول قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} له تعالى عن ذلك. قوله: (وجعلته بينكم محرماً) وهذا متفق عليه في كل ملة لاتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ الأنفس فالأنساب فالأعراض فالعقول فالأموال والظلم قد يقع في هذه أو بعضها وأعلاه الشرك قال تعالى: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وهو المراد بالظلم في أكثر الآيات ثم يليه المعاصي على اختلاف أنواعها. قوله: (تظالموا) بتشديد الظاء كما روي والأشهر تخفيفها والأصل تتظالموا أدغم أحد المثلين في الآخر أو حذف أي لا يظلم بعضكم بعضاً فإن الظلم ظلمات يوم القيامة والله تعالى يقتص للمظلوم من ظالمه وقد يمهل زيادة في استدراجه ليزداد عقابه {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} فإمهاله عين عقابه. قوله: (يا عبادي الخ) كرر النداء زيادة لتشريفهم وتعظيمهم ولذا أضافهم إلى نفسه وتنبيهاً على مخافة ما بعده وجمعه لإفادة الاستغراق و (تخطئون) قال المصنف المشهور ضم التاء وروي بفتحها يقال خطئ إذا فعل ما يأثم به فهو خاطيء ومنه {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} ويقال في الإثم أيضاً أخطأ فهما صحيحان اهـ. وبه يرد على من قال لا يصح من أخطأ الرباعي لأنه الفعل عن غير قصد وهو لا إثم فيه بالنص والكلام إنما هو فيما فيه إثم بدليل استغفروني فهو من خطئ يخطأ كعلم يعلم إذا فعل عن قصد

الصفحة 392