كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نزلت فيمن عاب المتصدقين وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حث على الصدقة فتصدق عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف وأمسك مثلها فبارك له الرسول فيما أعطي وفيما أمسك وتصدق عمر بنصف ماله وعاصم بن عدي بمائة وسق وعثمان بن عفان بصدقة عظيمة وأبو عقيل الاياسي بصاع تمر وترك لعياله صاعاً وكان أجر نفسه يسقي نخلا بهما وتصدق رجل بناقة عظيمة وقال هي وذو بطنها صدقة يا رسول الله وألقى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطامها فقال المنافقون ما تصدق هؤلاء إلا رياء وسمعة وما تصدق أبو عقيل إلا ليذكر بنفسه فيعطى من الصدقات والله غني عن صاعه وقال بعضهم تصدق بالناقة وهي خير منه وكان الرجل أقصر النّاس قامة وأشدهم سواداً فنظر إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال بل هو خير منك ومنها يقولها ثلاثاً. قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} السخرية النظر إلى المسخور منه بعين النقص أي لا تحقر غيرك عسى أن يكون عند الله خيراً منك وأفضل وأقرب فرب أشعت أغبر ذي طمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لأبره وقد احتقر إبليس اللعين آدم عليه السلام فباء بالخسران الأبدي وفاز آدم بالعز الأبدي وشتان ما بينهما وقد يحتمل أن يكون المراد بعسى يصير أي لا تحتقر غيرك فإنه ربما صار عزيزاً وصرت ذليلاً فينتقم منك قال الشاعر:
لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوماً والدهر قد رفعه
قوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا يعب بعضكم على بعض وتقدم في أول باب الغيبة والنميمة

الصفحة 41