كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ... } الآية [الحجرات: 11]. وقال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1].
وأما الأحاديث الصحيحة في هذا الباب فأكثر من أن تحصر، وإجماع الأمة منعقد على تحريم ذلك، والله أعلم.
وروينا في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معنى اللمز والفرق بينه وبين الهمز. قوله: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} تقدم سبب نزول الآية في باب النهي عن الألقاب التي يكرهها الإنسان والنبز الطرح، واللقب كما تقدم ثمة ما أشعر برفعة
المسمى أو ضعته أي لا تراموا بها وهو هنا أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به وبنحو يا منافق يا فاسق وقد تاب من فسقه أقوال أولها عليه الأكثر وقدمت السخرية لأنها أبلغ الثلاثة في الإذاية لاستدعائها تنقيص المرء في حضرته ثم اللمز لأنه العيب بما في الإنسان وهذا دون الأول ثم النبز وهو نداؤه بلقبه وهذا دون الثاني إذ لا يلزم مطابقة معناه للقبه فقد يلقب الحسن بالقبيح وعكسه وكأنه قال لا تتكبروا فتستحقروا إخوانكم بحيث لا تلتفتوا إليهم أصلاً وأيضاً لا تعيبوهم طلباً لحط درجاتهم وأيضاً فلا تسموهم بما يكرهون ونبه تعالى بقوله أنفسكم على دقيقة ينبغي التفطن لها هي أن المؤمنين كلهم بمنزلة البدن الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله فمن عاب غيره ففي الحقيقة إنما عاب نفسه نظراً لذلك وأيضاً فتعييبه للغير تسبب إلى تعييب الغير له فكأنه الذي عاب نفسه فهو على حد الخبر الآخر لا يسبن أحدكم أباه قالوا وكيف يسب أباه قال يسب أبا الرجل فيسب أباه وغاير بين صيغتي تلمزوا وتنابزوا لأن الملموز قد لا يقدر في الحال على عيب يلمز به لامزه فيحتاج إلى تتبع أحواله حتى يظفر ببعض عيوبه بخلاف النبز فإن من لقب بما يكره قدر على تلقيب الآخر بنظير ذلك حالاً فوقع التفاعل، وقوله بئس: الاسم الفسوق أي من فعل أحد هذه الثلاثة استحق اسم الفسق وهو غاية النقص بعد أن كان كاملاً بالإيمان وضم عزّ وجلّ إلى هذا الوعيد قوله: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} إشارة إلي عظم إثم كل واحد من الثلاثة. قوله: ({وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} تقدم الكلام عليها في أول باب تحريم الغيبة والنميمة.
قوله: (روينا في صحيح مسلم) تقدمت الإشارة إلى تخريجه في باب

الصفحة 42