كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تَحاسَدُوا ولا تَنَاجَشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبْغ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ الله إخوَاناً، المُسلِمُ أخُو المُسْلِم، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحقُرُه، التَّقْوى هاهُنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحَسْبِ امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كل المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَام: دَمُهُ ومالُهُ وَعِرْضُهُ".
قلت: ما أعظم نفع هذا الحديث وأكثر فوائده لمن تدبَّره.
وروينا في "صحيح مسلم" عن ابن مسعود
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تحريم الغيبة والنميمة. قوله: (لا تحاسدوا) أي لا تتحاسدوا والحسد إنبعاث القوة إلى محبة زوال نعمة الغير وإن لم تحصل له والغبطة أن يتمنى مثل ما للغير وهو في يكون واجباً إذا كانت النعمة دينية واجبة أو مندوباً كما في تشهير العلم أو مباحاً والحسد مذموم شرعاً وعقلاً. قول: (ولا تَناجشوا) هو تفاعل من النجش وهو إثارة الصيد والمراد إثارة بعضهم بعضاً بالفتنة أو برفع الثمن للمعروض وهو غير راغب بل ليخدع غيره. قوله: (ولا تباغضوا) أي لا تشتغلوا بأسباب العداوة إذ المحبة والعداوة مما لا اختيار فيه وقيل لا توقعوا العداوة والبغضاء بين المسلمين فيكون نهياً عن النميمة لما فيها من تأسيس الفساد. قوله: (ولا تدابروا) أي لا تتكلموا في أدبار اخوانكم بالغيبة والبهتان وقيل لا تقاطعوا لأنه إذا فعل ذلك أعرض كل عن صاحبه وولى دبره وقيل لا تولوا أدباركم استثقالا بل ابسطوا وجوهكم. قوله: (ولا يبع بعضكم على بيع بعض) بأن تدعوا المشتري قبل لزوم البيع إلى الفسخ ليبيع منه مثله. قوله: (وكونوا عباد الله إخوانا) خبر كان وعباد الله منصوب على الاختصاص أو خبر قبل خبر أو على النداء
يعني أنتم مستوون في كونكم عبيد الله وملتكم واحدة فلا تحاسدوا والتباغض والتقاطع منافيان لحالكم وباقي الحديث تقدم الكلام عليه في الباب المذكور. قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) وكذا رواه أبو داود كما أشار إليه المصنف فيما يأتي نقله عنه في

الصفحة 43