كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ [كان] في قَلْبهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِنْ كبْرٍ، فقال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنةً،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله غمط النّاس ورواه الترمذي كما في الترغيب للمنذري وقد رواه الحاكم فقال ولكن الكبر من غمط الحق وازدرى النّاس وقال احتجا برواته. قوله: (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) اختلف في تأويله فذكر الخطابي فيه وجهين أحدهما أن المراد التكبر عن الإيمان فصاحبه لا يدخل الجنة أصلاً إذا مات، والثاني أنه لا يكون في قلبه كبر حال دخوله الجنة كما قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} قال المصنف في شرح مسلم وهذان التأويلان فيهما بعد فإن هذا الحديث ورد في سياق النهي عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على النّاس واحتقارهم ودفع الحق فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين أنه لا يدخلها دون مجازاة إن جازاه وقيل هذا جزاؤه لو جازاه وقد تكرم بأنه لا يجازيه بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة إما أولاً وإما ثانياً بعد تعذيب أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فالمراد به دخول الكفار وهو دخول الخلود قلت قال القرطبي أولاً يدخل النار المعدة للكفار اهـ. وفي الحديث زيادة الإيمان ونقصه. قوله: (فقال رجل) قال المصنف هذا الرجل هو مالك بن مرارة الرهاوي، قاله القاضي عياض وأشار إليه أبو عمر بن عبد البر وقد جمع الحافظ أبو القاسم بن بشكوال في اسمه أقوالاً من جهات فقيل هو أبو ريحانة واسمه شمعون ذكره ابن الأعرابي وقال علي بن المديني في الطبقات اسمه ربيعة بن عامر وقيل سواد بالتخفيف ابن عمرو ذكره ابن السكن وقيل معاذ بن جبل ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب الخمول، والتواضع وقيل مالك بن مرارة بضم الميم وبراء مكررة آخرها هاء الرهاوي ذكره أبو عبيد في غريب الحديث وقيل عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره معمر في جامعه وقيل خريم بن فاتك هذا

الصفحة 44