كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

صَعِدَتِ اللعنَةُ إلى السَّماءِ فَتغلَقُ أبْوَابُ السَّماءِ دُونَهَا، ثم تَهْبِطُ إلى الأرْضِ فَتُغْلَقُ أبْوَابُها دُونَها، ثم تأخُذ يَمِيناً وشِمَالاً، فإذَا لم تَجِدْ مَساغاً رَجَعَتْ إلى الذِي لُعِنَ، فإنْ كانَ أهْلاً لِذَلِكَ وإلاَّ رَجَعَتْ إلى قائِلِها".
وروينا في كتابي أبي داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من لَعَنَ شَيئاً لَيْسَ لَه بأهْل رَجَعَتِ اللعْنَةُ عَلَيهِ".
وروينا في "صحيح مسلم" عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، قال: "بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضَجِرَتْ فلعنتها، فسمعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "خُذُوا ما عَلَيها ودَعوهَا فإنَّها ملعُونَةٌ".
قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيء من إنسان وغيره. قوله: (صعدت) بكسر العين. قوله: (مساغا) بفتح الميم وبالمهملة وبعد الألف معجمة أي مدخلا وعدم وجدانها المدخل في السماء والأرض لغلق أبوابها دونها. قوله: (فإن كان أهلاً لذلك) شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه أي رجعت إليه وذلك بأن كان الملعون مات على الكفر أو كانت اللعنة لذي وصف مذموم على الجملة نحو "ألا لعنة الله على الفاسقين". قوله: (وإلا) أي وإن لم يكن الذي لعن أهلاً لذلك (رجعت إلى قائلها) أي بالطرد والوبال.
قوله: (وروينا في كتابي أبي داود والترمذي) قال المنذري في الترغيب ورواه ابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده غير بشر وبشر هذا هو الزهراني ثقة احتج به البخاري ومسلم وغيرهما ولا أعلم فيهم مجروحاً اهـ. قوله: (وليس له بأهل) أي ليس ذلك الشيء بمستحق في نفس الأمر له أي للمعنى المدلول عليه بلعن.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم) قال المنذري ورواه غيره. قوله: (خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة) وفي الرواية الآتية بعده عن أبي هريرة لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة قال المصنف في شرح مسلم إنما قال هذا زجراً لها ولغيرها وكان قد سبق نهيها ونهي غيرها عن اللعن فعوقبت بإرسال الناقة والمراد النهي عن مصاحبته تلك الناقة في الطريق وأما بيعها ونحوه وركوبها في غير مصاحبته -صلى الله عليه وسلم- وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة قبل

الصفحة 54