كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

صريحاً كان، أو كناية، أو تعريضاً، ولو كان صادقاً في ذلك، وإنما يجوز ما قدمناه، ويكون الغرض منه التأديب والزجر، وليكون الكلام أوقع في النفس.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة، فقال: ارْكَبْها، فقال: إنها بدنة، قال: ارْكبْها، قال: إنها بدنة، قال في الثالثة: ارْكبْها وَيْلَكَ".
وروينا في "صحيحيهما" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يَقسم قَسْماً، أتاه ذو الخويصرة، رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال رسول الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشيء بقوة ثم استعمل في الرمي بالزنى ونحوه من المكروهات. قوله: (صريحاً) قال ابن حجر في شرح المنهاج: ما لم يحتمل غير ما وضع له من القذف بالكلية، وإن ما يفهم منه المقصود بالقرائن تعريض قال وهذا الفرق هو
الأحسن. قوله: (ولو كان صادقاً الخ) أي الأولى اجتناب ما فيه قذف بأنواعه ولو كان صادقاً فيما قذف به لأن قصده تأديبه وزجره لا تبكيته وهتكه. قوله: (ويكون الغرض منه التأديب) جملة حالية من ما الموصولة وخرج به ما إذا كان غرضه تنقيصه وإيذاءه فيحرم.
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال الديبع في التيسير وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث أنس وأخرجه مالك والشيخان وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة زاد البخاري في رواية عن أبي هريرة فلقد رأيته راكباً وهو يساير النبي -صلى الله عليه وسلم- والنعل في عنقها اهـ. قوله: (اركبها) محمول على أنه اضطر لركوبها لخبر مسلم عن جابر قال -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن ركوب الهدي اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً، فشرط جواز ركوبها -كما في المجموع وشرح مسلم وهو المعتمد- الضرورة إليها وإنما قال له ويلك مع أنها كلمة عذاب تأديباً له لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه ولم يرد بها الدعاء عليه بل جرت على لسانه نظير قوله في الحديث الآخر تربت يداك.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) ذكره البخاري في الأدب واستتابة المرتدين كلاهما من صحيحه وأخرجه مسلم في الزكاة. قوله: (وهو يقسم قسماً) وكان ذلك بالجعرانة. قوله: (ذو الخويصرة

الصفحة 63