كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قيل الظاهر أن المراد منه يسألون ويلجأون إليه ويقصدونه بالدعاء والرغبة، وقوله بالغداة والعشي كناية عن الزمان الدائم ولا يراد بهما خصوص زمنهما كما تقول الحمد لله بكرة وأصيلاً تريد على كل حال فكنى بالغداة عن النهار وبالعشي عن الليل أو خصهما بالذكر لأن الشغل غالب فيهما على الناس ومن كان يغلب عليه الذكر في هذين الوقتين كان الذكر في وقت الفراغ أغلب عليه، وقوله يريدون جملة حالية وذو الحال الواو في يدعون وهي فاعل والعامل في الحال يدعون، وقوله وجهه كناية عن الله تعالى إذ الجسمانية تستحيل بالنسبة إليه، وفي قوله يريدون وجهه -أي لا شيئاً من أعراض الدنيا- شهادة لهم بالإخلاص وقد سبق بعض الكلام على هذه الجملة من الآية في باب إذكار المساء والصباح، وقوله {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} قال السيوطي في الجلالين إن كان باطنهم غير مرضي اهـ. أي لو كان ذلك على سبيل الفرض مع قطع النظر عن الإخبار عنهم بما في أول الآية أما مع النظر إلى ذلك فلا يستقيم هذا التفسير لأن الله عزّ وجلّ شهد لهم بأنهم يريدون بعبادتهم وجهه وهذه شهادة بحسن باطنهم فلا يحسن أن يقال إن كان باطنهم غير مرضي لأنه فرض مخالف لما أخبر الله به من خلوص بواطنهم ونياتهم الله عزّ وجلّ وفي وقع في الكشاف نحو ذلك فتعقبه أبو حيان بما ذكره، ومن في قوله من شيء زائدة وهو في موضع المبتدأ ومن حسابهم في موضع الحال وعليك في موضع الخبر كأنه قيل ما شيء من حسابهم كائن عليك والمعنى نفي حسابهم عنه وجوابه قوله فتطردهم فينتفي الطرد كأنه قيل لا حساب عليك فكيف يكون طرد ولما نفى حسابهم عليه نفى حسابه عليهم في قوله وما من حسابك عليهم من شيء، وفي الكشاف إن قلت ما كفى قوله ما عليك من حسابهم من شيء حتى ضم إليه وما من حسابك عليهم من شيء قلت قد جعلت الجملتان بمنزلة جملة واحدة وقصد بهما مؤدى واحد وهو المعني في قوله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ولا يستقل بهذا المعنى إلا الجملتان كأنه قيل لا تؤاخذ أنت ولا هم بحساب صاحبه اهـ. وتعقب بأن قوله لا تؤاخذ أنت الخ تركيب غريب وإصلاح التركيب أن يقال لا يؤاخذ واحد منكم ولا منهم بحساب صاحبه أو لا تؤاخذ أنت بحسابهم ولا هم
بحسابك. وقوله {فَتَكُونَ

الصفحة 68