كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88].
وروينا في "صحيح مسلم" عن عائذ بن عمرو -بالذال المعجمة- الصحابي رضي الله عنه: أن أبا سفيان أتى على سلمانَ وصهيبٍ وبلالٍ في نفر، فقالوا: ما أخذتْ سيوفُ الله من عنق عدوِّ الله مأخذَها، فقال أبو بكر رضي اللهَ عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيِّدهم، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال: "يا أبا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أغضَبْتَهُمْ؟ لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ" فأتاهم فقال: يا إخوتاه أغضبتُكم؟ فقالوا: لا.
قلت: قولهم: مأخذها، بفتح الخاء: أي لم تستوف حقها من عنقه لسوء فَعَالِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِنَ الظَّالِمِينَ} وهو جواب للنهي في قوله {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ} فصار جواب كل من النهي ومن النفي ما يناسبه.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم أن أبا سفيان الخ) هذا الإتيان كان وهو كافر في الهدنة بعد صلح الحديبية. قوله: (يا أبا بكر لعلك أغضبتهم الخ) قال المصنف في الحديث فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء وفيه مراعاة قلوب الضعفاء وأهل الدين وإكرامهم وملاطفتهم. قوله: (لا يغفر الله لك يا أخي) قال المصنف أما قولهم يا أخي فضبطوه بضم الهمزة على التصغير وهو تصغير تحبيب وترفيق وملاطفة وفي بعض النسخ بفتحها قال القاضي قد روي عن أبي بكر أنه نهى عن مثل هذه الصيغة وقال قل عافاك الله رحمك الله لا تزد لا أي لا تقل قبل الدعاء لا فتصير صورته صورة نفي الدعاء قال بعضهم قل لا ويغفر الله لك اهـ. وفي المحرر في النحو للفخر الرازي روي عن أبي بكر الصديق أنه دخل السوق فقال لبياع أتبيع هذا الثوب فقال لا عافاك الله فقال له أبو بكر لو علمتم علمتم قل لا وعافاك الله وهذا من لطائف النحو لأنه عند حذف الواو يوهم كونه دعاء عليه وعند ذكر الواو لا يبقى ذلك الاحتمال اهـ. قوله: (مأخذها بفتح الخاء) هذا أحد الوجهين حكاهما المصنف في شرح مسلم في ضبطه والثاني بالمد وكسر الخاء.

الصفحة 69