كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

المرتدين، وإن لم يرد ذلك لم يكفر، لكن ارتكب محرماً، فيجبُ عليه التوبةُ، وهي أن يقلع في الحال عن معصيته، ويندم على ما فعل، ويعزم على أن لا يعود إليه أبداً، ويستغفر الله تعالى، ويقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فصل: يحرم عليه تحريماً مغلظاً أن يقول لمسلم: يا كافر.
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قالَ الرَّجُلُ لِأخِيهِ: يا كافِرُ، فَقَدْ باءَ بها أحَدُهُما، فإنْ كانَ كما قالَ، وإلا رَجَعَتْ عَلَيْهِ".
وروينا في "صحيحيهما" عن أبي ذر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ارتكب محرماً) وعده ابن حجر في الزواجر من الكبائر. قوله: (وتجب عليه التَوبة) عبارة الروضة يستحب لكل من تكلم بكلام قبيح أن يستغفر الله وتجب التوبة من كلام محرم. قوله: (ويستغفر الله) أي استحباباً وكذا يستحب الاستغفار من كل ذنب ولا يجب لصحة التوبة بدونه. قوله: (ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله) ظاهر كلامه الإيجاب وقد صرح صاحب الروض باستحباب الإتيان بهما قال الشيخ زكريا وبه صرح النووي في نكته قال وظاهر خبر من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله الاقتصار على لا إله إلا الله اهـ.
فصل
قوله: (يحرم عليه تحريماً مغلظاً أن يقول لمسلم يا كافر الخ) ثم إن أراد به إنه كافر حقيقة وإن الإسلام كفر صار بذلك مرتداً وإن لم يرد به ذلك بل أراد مجرد السب ارتكب كبيرة وتصريح السيوطي بكراهة ذلك غلط كما قاله ابن حجر الهيتمي.
قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم) وكذا رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي كلهم من حديث ابن عمر ورواه البخاري من حديث أبي هريرة وليس فيه قوله فإن كان الخ. قوله: (إذا قال الرجل) قال المصنف: هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات من أن ظاهره غير مراد وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر مسلم بالمعاصي كالقتل والزنى وكذا قوله لأخيه يا كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام، إذا عرف ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه

الصفحة 77