كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

رضي الله عنه أنه سمعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقول: "مَنْ دَعا رَجُلاً بالكُفْرِ أو قالَ: عَدُو الله ولَيسَ كَذَلِكَ، إلا حارَ عَلَيْهِ" هذا لفظ رواية مسلم، ولفظ البخاري بمعناه، ومعنى حار: رَجَع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أحدها) أنه على المستحل لذلك أي مع العلم بتحريمه وهذا يكفر فعلى هذا باء بها أي بكلمة الكفر وكذا حار عليه وهو معنى رجعت عليه أي رجع عليه الكفر فباء وحار بمعنى واحد (والثاني) معناه رجعت نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره (والثالث) أنه محمول على الخوارج من المؤمنين وهذا نقله القاضي عياض عن مالك وهو ضعيف لأن الصحيح الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع (والقول الرابع) إن معناه أن ذلك يؤول به إلى الكفر وذلك أن المعاصي بريد الكفر ويخاف على المكثر منها أن تكون عاقبته المصير إلى الكفر ويؤيد هذا الوجه ما جاء في رواية لأبي عوانة في مستخرجه على مسلم فإن كان كما قال وإلا باء بالكفر وفي رواية إذا قال لأخيه يا كافر وجب الكفر
لأحدهما قلت ولم يظهر لي وجه التائييد من هذه الرواية إذ هي مثل لفظ رواية مسلم والله أعلم (والخامس) معناه فقد رجع عليه تكفيره فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافراً أو كأنه كفر نفسه إما لأنه كفر من هو مثله وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر فيعتقد بطلان دين الإسلام والله أعلم. قوله: (من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله - إلا حار عليه) هذا الاستثناء قيل إنه واقع على المعنى وتقديره ما يدعوه أحد إلا حار عليه وعدو الله ضبطناه بالرفع والنصب ويحتمل أن يكون معطوفاً على الأول أي قوله في أول الحديث ليس من رجل ادعى ما ليس لأبيه وهو يعلمه إلا كفر إلى أن قال ومن دعا الخ فيكون الاستثناء جارياً على اللفظ وهو أرجح فالنصب على النداء أي يا عدو الله والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو عدو الله ذكره المصنف في شرح مسلم. قوله: (ومعنى حار) أي بالمهملتين (رجع) وكذا معنى باء بالموحدة بعدها ألف ممدودة.

الصفحة 78