كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

فصل: لو دعا مسلم على مسلم فقال: اللهُم اسلبه الإيمان، عصى بذلك، وهل يكفر الداعي بمجرد هذا الدعاء؟ فيه وجهان لأصحابنا حكاهما القاضي حسين من أئمة أصحابنا في الفتاوى، أصحهما: لا يكفر، وقد يحتج لهذا بقول الله تعالى إخباراً عن موسى -صلى الله عليه وسلم-: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل لو دعا مسلم على مسلم الخ
تقدم عن الزركشي في باب أذكار المسافر جواز الدعاء على الظالم بسوء الخاتمة والفتنة في الدين وما استدل به وعن بعضهم التفصيل بين المتمرد فيجوز ذلك فيه وغيره فيمنع ذلك منه. قوله: (أصحهما أنه لا يكفر) قالوا لأنه ليس رضا بالكفر وإنما هو دعاء عليه بتشديد الأمر والعقوبة عليه هذا ما ذكره الشيخان قال ابن حجر الهيتمي في الإعلام بقواطع الإسلام وأنت خبير من قولهما لأنه ليس رضا بالكفر الخ أن محل ذلك ما إذا لم يذكر ذلك رضي بالكفر وإلا كفر قطعاً والذي يظهر من فحوى كلامهما أنه لو أطلق فلم يقله على جهة الرضى بالكفر ولا على وجه تشديد العقوبة لا يكون كافراً وهو ظاهر واستشكل عدم كفره فيما إذا ادعى عليه بسلب الإيمان بما إذا قال له يا كافر بلا تأويل وأجيب بأن الكفر ثم إنما جاء من تسمية الإسلام كفراً كما مر وهنا ليس فيه ذلك فإن قلت ما تقرر في الدعاء بسلب الإيمان ينافيه ما اقتضاه كلام الأحياء من أنه لو لعن كافراً معيناً في وقتنا كفر ولا يقال لعن لكونه كافراً في الحال كما يقال للمسلم رحمه الله لكونه مسلماً في الحال وإن كان يتصور أن يرتد لأن معنى رحمه الله يثبته الله على الإسلام الذي هو سبب الرحمة ولا يقال ثبت الله الكافر على الكفر الذي هو سبب اللعنة لأن هذا سؤال الكفر وهو في نفسه كفر اهـ. قال الزركشي فتفطن لهذه فإنها غريبة وحكمها متجه وقد زل فيها جماعة اهـ. قال ابن حجر الهيتمي ولا منافاة لأنه إن أراد بلعنه الدعاء عليه بتشديد الأمر أو أطلق لم يكفر وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضى بذلك كفر وفي الدعاء بسلب الإيمان إن أراد الدعاء بسؤال الكفر له أو رضي به كفر وإن أراد الدعاء بتشديد العقوبة أو أطلق لم يكفر فتدبر ذلك فإنه تفصيل متجه قضت به كلماتهم اهـ. قوله: (وقد يحتج لهذا بقول الخ) أي من حيث تمنى موسى عدم إيمان فرعون ودعاؤه بذلك ولم يضره

الصفحة 79