كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا} الآية [يونس: 88] وفي هذا الاستدلال نظر، وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا.
فصل: لو أكْرَهَ الكفارُ مسلماً على كلمة الكفر، فقالها وقلبه مطمئن بالإيمان، لم يكفر بنص القرآن وإجماع المسلمين، وهل الأفضل أن يتكلَّم بها ليصون نفسه من القتل؟ فيه خمسة أوجه لأصحابنا.
الصحيح: أن الأفضل أن يصبر للقتل ولا يتكلَّم بالكفر، ودلائله من الأحاديث الصحيحة، وفعل الصحابة رضي الله عنهم مشهورة.
والثاني: الأفضل أن يتكلَّم ليصون نفسه من القتل.
والثالث: إن كان في بقائه مصلحة للمسلمين، بأن كان يرجو النِّكاية في العدو، أو القيام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك ولا عاتبه الله عليه ولا
زجره عنه. قوله: (وفي هذا الاستدلال الخ) ولأنه يجوز أن موسى عليه السلام علم عدم إيمانه فسأله قصداً والكلام فيمن انطوت عاقبته قال في الإعلام وقد يجاب بأنه وإن كان شرعاً لمن قبلنا إلا أنه لم يرد في شرعنا ما يخالفه فيكون حجة، على الخلاف، ولأن الأصل في السؤال طلب حصول ما ليس بحاصل فلا نظر لاحتمال المذكور على أنه ورد في القضية ما يخالفه وهو أن الإجابة لم تقع إلا بعد أربعين سنة من السؤال وأيضاً فقوله قد أجيبت دعوتكما امتنان عليهما بالإجابة وما كان واقعاً قبل الإجابة في علم السائل لا يمتن عليه بأنه استجيب له فيه اهـ.
فصل
قوله: (بنص القرآن) أي كقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} قوله: (أن الأفضل أن يصبر للقتل) أي مطلقاً سواء كان ممن في بقائه مصلحة للناس من نشر علم أو نكاية عدو أو لا. قوله: (ودلائله من الأحاديث وفعل الصحابة مشهورة) منها ما تقدم في ترجمة بلال عن الكشاف من قصة الرجلين اللذين جيء بهما إلى مسيلمة فقال لأحدهما: ما تقول في محمد فقال: رسول الله فقال: ما تقول في فقال: وأنت أيضاً وقال للآخر ما تقول في محمد فقال: رسول الله قال ما تقول في قال: أنا أصم فأعاد عليه ثلاثاً فأعاد عليه جوابه

الصفحة 80