كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

الماضي قبله، وقام مقامه. قال: ولا يسمى أحدٌ خليفةَ الله تعالى بعد آدم وداود عليهما الصلاة والسلام. قال الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] وقال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}: [ص: 26] وعن ابن أبي مليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: يا خليفةَ الله، فقال: أنا خليفةُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنا راض بذلك. وقال رجل لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: يا خليفةَ الله، فقال: ويلك لقد تناولت تناولاً بعيداً، إن أُمي سمتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ، ثم كَبِرْتُ فكُنيت أبا حفص، فلو دعوتني به قبلتُ، ثم وليتموني أموركم فسميتموني أميرَ المؤمنين، فلو دعوتني بذاك كفاك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كان
فاسقاً. قوله: (ولا يسمي أحد خليفة الله تعالى) في شرح الروض لأنه إنما يستخلف من يغيب أو يموت والله منزه عن ذلك وقضية هذه العلة امتناع ذلك حتى على آدم وداود والآيتان ليس فيهما إطلاق خليفة الله على كل منهما إنما فيهما إطلاق خليفة مجرداً عن الإضافة وذلك جائز على كل إمام للمسلمين ولم أر من نبه على هذا وعلى ثبوت مستند إطلاق خليفة الله على كل منهما فالإضافة للتعظيم فلا يراد من الخليفة ما تقدم بل يراد به أن الله جعله قائماً في تنفيذ أحكامه في عباده وفي المصباح المنير لا يقال خليفة الله بالإضافة إلا آدم وداود لورود النص بذلك وقيل يجوز وهو القياس لأن الله جعله خليفة كما جعله سلطاناً وقد سمع سلطان الله وجنود الله وحزب الله والإضافة تكون بأدنى ملابسة وعدم السماع لا يقتضي عدم الإطراد مع وجود القياس ولأنه نكرة تدخله اللام للتعريف فيدخلها ما يعاقبها وهو الإضافة كسائر أسماء الأجناس. قوله: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} أي من يقوم بأحكامي فيها. قوله: (ابن أبي مليكة) وهي كنية زاهد تابعي. قوله: (فقال ويلك) قال له ذلك كأنه لأنه علم أن القائل يعلم أنه لا ينبغي التلفظ بذلك فخالف وخاطبه وعزره بذلك. قوله:
(تناولت متناولاً بعيداً) كناية عن الجموح والطموح إلى ما لا ينال. قوله: (ثم كبرت) أي بكسر الباء أي في السن وهو بالضم بمعنى كبر القدر يأباه المقام. قوله: (قبلت) أي قبول رضي الله لأنه اسمي وكنيتي وإن خلا النداء بهما عن التعظيم. قوله: (كفاك)

الصفحة 83