كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمام سمي خليفة، لأنه خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته، قال: فيجوز أن يقال: الخليفةُ، على الإطلاق، ويجوز: خليفةُ رسول الله.
قال: واختلفوا في جواز قولنا: خليفة الله، فجوَّزه بعضهم لقيامه بحقوقه في خلقه، ولقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ في الْأَرْضِ} [فاطر: 39] وامتنع جمهور العلماء من ذلك، ونسبوا قائله إلى الفجور، هذا كلام الماوردي.
قلت: وأوَّلُ من سُمي أميرَ المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. وأما ما توهمه بعض الجهلة في "مسيلمة" فخطأ صريح، وجهل قبيح، مخالف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي في مرادك من تعظيمي في الخطاب. قوله: (وذكر أقضى القضاة) تقدم في كتاب الأسماء جواز إطلاق ذلك. قوله: (فيجوز أن يقال الخليفة على الإطلاق) أي عن الإضافة وأطلق عليه ذلك لأنه خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته وخلف الماضي قبله.

فائدة
في الأوائل للسيوطي أول من سمي الخليفة أبو بكر اهـ. قوله: (ويجوز خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) لما تقدم فيما قبله والإضافة فيه للتعظيم والتشريف. قوله: (واختلفوا في جواز قولنا خليفة الله) قال
ابن حجر الهيتمي في كتاب تنبيه الأخيار ظاهر كلام السيوطي التبري مما قاله الماوردي وإن ذلك مكروه فقط اهـ. قلت لكن جرى على الحرمة في الروض ووافقه عليها شارحه. قوله: (ولقوله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ في الْأَرْضِ} قال في الإكليل استدل به من أجاز أن يقال للإمام خليفة الله تعالى.

فائدة
روي البيهقي وغيره حديث السلطان ظل الله في أرضه فإذا أحسن فله الأجر وعليكم الشكر وإن أساء فعليه الوزر وعليكم الصبر قال الخطابي معنى "ظل" العز والمنفعة ويحتمل أن يريد به الستر كما يقول القائل للرجل الشريف أنا في ظلك أي في سترك وقيل إنما وصفه بالظل لأنه يدفع الأذى عن النّاس كما يدفع الظل أذى الشمس اهـ. قوله: (وأول من سمي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب) قال ابن العطار ذكر الواقدي في

الصفحة 84