كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

جاءت أحاديث كثيرة بإطلاق سيد على أهل الفضل.
فمن ذلك ما رويناه في "صحيح البخاري" عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صَعِد بالحسن بن علي رضي الله عنهما المنبر فقال: "إنَّ ابْني هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولعل ما هنا أقصى الحلم المدلول عليه بصيغة المبالغة وأما أصل الحلم بكسر الحاء المهملة المأخوذ منه الحليم فهو التثبت والأناة في الأمر وزاد في النهاية أن السيد يطلق على الرب وعلى الشريف وعلى متحمل أذى قومه وعلى الرئيس والمقدم وسيأتي فيه بعض زيادة قال وأصله من ساد يسود فهو سيود فقلبت الواو ياء لأجل الياء الساكنة قبلها ثم أدغمت اهـ. وقدمنا في أول الكتاب عن بعضهم قولاً آخر إن أصله سويد بوزن فعيل بتقديم الواو على الياء فأعل كما ذكر.
قوله: (فمن ذلك ما رويناه في صحيح البخاري) ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم من حديث أبي بكرة. قوله: (إن ابني هذا سيد) قال في النهاية قيل أراد به الحليم لأنه قال في تمامه ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. قوله: (ولعل الله) استعمل لعل استعمال عسى لاشتراكهما في معنى الرجاء وقد تحقق ما وعد به -صلى الله عليه وسلم- ففي البخاري عن أبي موسى قال سمعت الحسين يقول استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص إني لأرى كتائب لا تولى حتى تقتل أقرانها فقال معاوية وكان والله خير الرجلين أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور النّاس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم فبعث إليه رجلين
من قريش من بني عبد شمس: عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز فقال اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له فطلبا إليه فقال لهما الحسن ابن علي إنا بني عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قال فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب لك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن فما سألهما شيئاً إلا قالا نحن لك به فصالحه اهـ.

الصفحة 88