كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

اللهَ تعالى أن يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَينِ مِنَ المُسْلِمِينَ".
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للأنصار لما أقبل سعد بن معاذ رضي الله عنه: "قُومُوا إلى سَيِّدِكُمْ" أو "خَيْرِكُمْ" كذا في بعض الروايات "سيدكم أو خيرِكم" وفي بعضها "سيدكم"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأخذ من قوله بين فئتين من المسلمين عدم تكفير الفئة الباغية.
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) وكذا رواه أبو داود. قوله: 0 للأنصار) أخرج ابن سيد النّاس في السيرة عن ابن إسحاق قصة نزول بني قريظة إلى أن قال فلما انتهى سعد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوموا إلى سيدكم فأما المهاجرون من قريش فيقولون إنما أراد -صلى الله عليه وسلم- الأنصار وأما الأنصار فيقولون عم بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المهاجرين والأنصار قال في المرقاة وهذا مع قوله في حديث الصحيحين فقال للأنصار قوموا فيه نظر إذ كيف يتصور فيه حينئذٍ العموم الشامل للمهاجرين نعم يحتمل عموم الأنصار وخصوص قومه منهم والله أعلم ولك أن تقول تعيين الأنصار في خبر الصحيحين من فهم بعض الصحابة فروى ما فهم وقد خالفه غيره فيه ففهم أن الخطاب للجميع فتعارض فيه الفريقان وإنما كان يرتفع الاحتمال لو قال في نفس الحديث قوموا يا معشر الأنصار لسيدكم فافهم والله أعلم. قوله: (قوموا إلى سيدكم أو خيركم) وهذا الحديث احتج به الشيخان وأبو داود على مشروعية القيام قال مسلم لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثاً أصح من هذا ونازع فيه جماعة منهم ابن الحاج بأنه -صلى الله عليه وسلم- إنما أمرهم بالقيام لسعد لينزلوه عن الحمار لكونه كان مريضاً كما في بعض الروايات ففي مسند أحمد زيادة قوموا إلى سيدكم فأنزلوه قال ولو كان القيام المأمور به لسعد هو المنازع فيه لما خص الأنصار فإن الأصل في أفعال القرب التعميم وقال التوربشتي في شرح المصابيح معنى قوله قوموا إلى سيدكم أي إلى إعانته وإنزاله من دابته ولو كان المراد التعظيم لقال قوموا لسيدكم وتعقبه الطيبي بأن الفرق بين إلى واللام ضعيف لأن إلى في هذا المقام أفخم من اللام كأنه قيل قوموا أي امشوا إليه تلقياً وإكراماً وهذا مأخوذ من ترتيب الحكم على الوصف

الصفحة 89