كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْآدَابِ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ كُلِّ عَمَلِ صَنْعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي المستوعب وغيره: سواء كان الصانع يراعي الْمَسْجِدَ بِكَنْسٍ أَوْ رَشٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى. قَالَ حَرْبٌ: سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْمَسْجِدِ نَحْوِ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهِ، فَكَأَنَّهُ كَرَاهَةٌ لَيْسَ بِذَلِكَ التَّشْدِيدِ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَكْتُبُ بِالْأُجْرَةِ فِيهِ قَالَ: أَمَّا الْخَيَّاطُ وَشِبْهُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي، إنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: مَا يُعْجِبُنِي مِثْلُ الْخَيَّاطِ وَالْإِسْكَافِ وَشِبْهُهُ، وَسَهَّلَ فِي الْكِتَابَةِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: خَصَّ الْكِتَابَةَ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَحْصِيلِ عِلْمٍ، فَهِيَ فِي مَعْنَى الدَّارِسَةِ، وَهَذَا يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِمَا لَا يَكُونُ تَكَسُّبًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ انْتَهَى، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ التَّسْهِيلُ فِي الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أعلم، "1وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ2 أَنَّهُ يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة1" فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ احْتَاجَ الْخِيَاطَةَ لِلُبْسِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ إطْلَاقُ الخلاف وقد ذكرته.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ. قَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ: تَكْرَهُ الْخَيَّاطِينَ فِي الْمَسَاجِدِ؟ قَالَ: إي لَعَمْرِي شَدِيدًا، وَكَذَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَرِوَايَةُ حَرْبٍ الْكَرَاهَةُ، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ العمل والصنائع كالخياطة والخرز والحلج والتجارة3 وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ إذَا كَثُرَ، وَلَا يُكْرَهُ إذَا قَلَّ، كَرَقْعِ ثَوْبِهِ وَخَصْفِ نَعْلِهِ انْتَهَى. قلت: هو أعدل الأقوال والله أعلم.
__________
1-1 جاءت هذه الفقرة في "ط": بعد قوله: "وظاهر ما نقل الأثرم".
2 5/195.
3 في "ط": "النجارة".

الصفحة 400