كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 7)

أَعْمَرْتُكَ أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ جَعَلَتْهُ لَك عُمْرَك أَوْ عُمْرِي أَوْ مَا بَقِيت أَوْ حَيَاتَك، فَيَصِحُّ وَيَصِيرُ لِلْمُعَمَّرِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ، كَتَصْرِيحِهِ1، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ هَانِئٍ: مَنْ يُعَمَّرُ الْجَارِيَةَ أَيَطَأُ؟ قَالَ: لَا أَرَاهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ رَجُلًا أَعْمَرَ فَرَسًا حَيَاتَهُ، فَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ" 2 وَالْإِنْسَانُ إنَّمَا يَمْلِكُ الشَّيْءَ عُمْرَهُ، فَقَدْ وَقَّتَهُ بِمَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَصَارَ كَالْمُطْلَقِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَالنَّهْيُ إذَا كَانَ صِحَّةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ضَرَرًا عَلَى مُرْتَكِبِهِ لَمْ تُمْنَعْ صِحَّتُهُ، كَطَلَاقِ الْحَائِضِ، وَصِحَّةُ الْعُمْرَى ضَرَرٌ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ.
وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ إلى غيره فهي4 الرُّقْبَى أَوْ رُجُوعُهُ مُطْلَقًا إلَيْهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: صِحَّتُهُ كَالْعَقْدِ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ" 5 وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: "مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ" نَقَلَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ6. وَسُكْنَاهُ أَوْ غَلَّتُهُ أَوْ خِدْمَتُهُ لَك أَوْ منحتكه عارية، نقله الجماعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 في "ر": "لتصريحه".
2 أخرجه ابن شيبة في "مصنفه" 9/187، والبيهقي في السنن الكبرى 6/175.
3 8/82 وفي "ر": "المبهج".
4 في الأصل و"ط": "فهو".
5 أخرجه البخاري "2625"، ومسلم "1625" "25"، من حديث جابر بن عبد الله.
6 لم أقف عليه عند أحمد والترمذي، وقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 9/187، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/141.

الصفحة 409