كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

عبد الله عند الله يوم القيامة؟ فقال: نعم. فقال: اللهم لك الحمد. وكان ممن أثنى أيضا عبد الرحمن بن عوف والمغيرة، وطوائف الداخلين عليه من الصحابة وأهل المدينة وأهل الشام وأهل العراق.
(فقال راغب وراهب) "راغب وراهب" معمولهما محذوف، وهما خبر لمبتدأ محذوف، وقد ذهب العلماء مذاهب في تقدير هذا المحذوف، فقال ابن بطال: يحتمل أمرين: أحدهما: أنتم الذين أثنيتم علي راغب في حسن رأيي فيه، وتقربي له، وراهب من إظهار ما يضمره من كراهته، أو المعنى: راغب فيما عندي، وراهب مني -فالمبتدأ على المعنيين واحد، والاختلاف في معمول اسم الفاعل- أو المراد الناس راغب في الخلافة، وراهب منها، فإن وليت الراغب فيها خشيت أن لا يعان عليها، وإن وليت الراهب منها خشيت أن لا يقوم بها- فالمبتدأ على هذا غيره في المعنيين السابقين، والمعمول كذلك -وقال القاضي عياض: إنهما وصفان لعمر- أي المبتدأ ضمير المتكلم عمر، أي أنا راغب فيما عند الله، راهب من عقابه، فلا أعول على ثنائكم، وذلك يشغلني عن الاهتمام بالاستخلاف عليكم.
(فقالوا: استخلف) أي عين الخليفة بعدك.
(فقال: أتحمل أمركم حيا وميتا؟ ) استفهام إنكاري بمعنى النفي، حذف منه حرف الاستفهام، وعند البخاري "لا أتحملها حيا وميتا" أي لا أتحمل مسئولية الخلافة حيا وميتا.
(لوددت أن حظي منها الكفاف) بفتح الكاف وتخفيف الفاء، أي مكفوفا عني شرها وخيرها، وقد فسرها بقوله "لا علي ولا لي" أي سواء بسواء، أي خيري منها يساوي إساءتي فيها.
(فإن أستخلف ... إلخ) هذا القول سمعه ابن عمر في زيارة من زياراته لأبيه بعد إصابته، وبعد أن سمع من حفصة، وبعد ما ضرب له الغنم مثلا، كما سيأتي في الرواية الثانية.
(فعرفت أنه -حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم- غير مستخلف) أي غير معين لخليفة على التحديد، وعرف ذلك من المقارنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر، ففي الرواية الثانية "فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا، وأنه غير مستخلف".
(دخلت على حفصة) بنت عمر، أخت عبد الله بن عمر، أي بعد طعنة أبيها، وطلب الناس منه أن يستخلف، وبعد أن قال لهم عمر ما سيقوله لابنه عبد الله، فالواضح أنه تكرر من الصحابة طلب الاستخلاف وتكرر من عمر هذا الجواب.
(ما كان ليفعل) أي ما كان ليترك الاستخلاف، فالترك وهو كف النفس فعل.
(فسكت حتى غدوت ولم أكلمه. قال: فكنت كأنما أحمل بيميني جبلا) كان ابن عمر يعود أباه بين الحين والحين، وكلما دخل يريد مكالمته في الخلافة لم يجد

الصفحة 418