كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

النقطة الثالثة: ماذا فعل عمر رضي الله عنه؟
أما عمر رضي الله عنه فقد أشكل عليه الفعل والترك، فالفعل دليله عزم النبي صلى الله عليه وسلم وفعل أبي بكر، والترك دليله فعل النبي صلى الله عليه وسلم والذي يظهر من كلام عمر أنه رجح عنده الترك، لأنه الذي وقع من النبي صلى الله عليه وسلم لكنه رأى أن الاستخلاف أضبط لأمر المسلمين، فسلك في هذا الأمر مسلكا متوسطا، خشية الفتنة، فخص الأمر بستة من فضلاء الصحابة، وأمرهم أن يختاروا منهم واحدا، فجعل الأمر معقودا موقوفا على الستة، فأخذ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم طرفا، وهو ترك التعيين، ومن فعل أبي بكر طرفا، وهو العقد لأحد الستة، وإن لم ينص عليه.
وأما عن النقطة الرابعة والخامسة:
فيقول النووي وغيره: أجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان، حيث لا يكون هناك استخلاف غيره، وعلى جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين عدد محصور، أو غيره، وأجمعوا على أنه يجب نصب خليفة، وخالف في ذلك الأصم، فقال: لا يجب، واحتج ببقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة، وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه، ولا حجة له في ذلك، لأن الصحابة في هاتين الفترتين لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة، بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يعقد له.
قال النووي: وأجمعوا على أن وجوب نصب الخليفة بالشرع لا بالعقل، وخالف في ذلك بعض المعتزلة، فقالوا: وجوبه بالعقل، لا بالشرع، وفساد قولهم ظاهر، لأن العقل لا مدخل له في الإيجاب والتحريم، ولا التحسين والتقبيح، وإنما يقع ذلك بحسب العادة، لا بذاته.

-[وفي الحديث]-
1 - فضيلة عمر رضي الله عنه، وحرصه على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه.
2 - تواضعه رضي الله عنه وهضمه نفسه، وخشيته وخوفه من ربه عن فترة حكمه، وهو المشهور بالزهد وتحري العدالة.
3 - ذكاء عبد الله بن عمر في فهمه من عبارة أبيه ما فهم.
4 - عقلية ابن عمر وحكمته وقوة حجته في تمثيله بالغنم وراعيها.
والله أعلم.

الصفحة 421