كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

فمن لم يكن له من الله عون تورط فيما دخل فيه، وخسر دنياه وعقباه، والأصل في ذلك، "من تواضع لله رفعه الله".
(دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي) من الأشعريين، وجلس بينهما، كما في الرواية الثالثة.
(أمرنا على بعض ما ولاك الله) "أمرنا" بفتح الهمزة وتشديد الميم المسكورة، أي اجعلنا أمراء.
(وقال الآخر مثل ذلك) في الرواية الثالثة "فكلاهما سأل العمل" وعند أحمد "جئناك لتستعين بنا على عملك".
(فقال: ما تقول يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس)؟ شك من الراوي بأيهما خاطبه صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن قيس اسم أبي موسى.
(إنا لا نولي على هذا العمل أحدا سأله، ولا أحدا حرص عليه) يقال: حرص بفتح الراء وكسرها، والفتح أفصح، وبه جاء القرآن، قال تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} [يوسف: 103].
(فقلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل) وفي رواية "فاعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قالوا، وقلت: لم أدر ما حاجتهم، فصدقني وعذرني" وفي رواية "لم أعلم لماذا جاءا" وفي رواية "إنهم قالوا لي: انطلق معنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لنا حاجة، فقمت معهم".
(وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته وقد قلصت) يقال: قلصت الشفة، بفتح اللام تقلص بكسرها، إذا شمرت وارتفعت. وقصده من ذكر هذه العبارة التوثيق بتذكر الظروف المحيطة بالحديث.
(لن -أو لا- نستعمل على عملنا من أراده) شك من الراوي، وفي الرواية الثانية "إنا لا نولي على هذا العمل أحدا سأله أو حرص عليه" وفي رواية "فقال: إن أخونكم عندنا من يطلبه، فلم يستعن بهما في شيء حتى مات".
(ولكن اذهب أنت يا أبا موسى. فبعثه على اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل) "معاذ بن جبل" بالنصب، أي بعثه بعده، وظاهره أنه ألحقه به بعد أن توجه، وفي الصحيح "بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذا إلى اليمن، فقال: يسرا ولا تعسرا .... " الحديث، ويحمل على أنه أضاف معاذا إلى أبي موسى، بعد سبق ولايته، لكن قبل توجهه، فوصاهما عند التوجه بذلك، ويمكن أن يكون المراد أنه وصى كلا منهما، واحدا بعد الآخر، وفي الصحيح "أنه صلى الله عليه وسلم بعث كل واحد منهما على

الصفحة 425