كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

مخلاف" أي على إقليم واليمن مخلافان، وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن، وكانت جهة أبي موسى السفلى.
(فلما قدم عليه) في الكلام طي، والفاء عاطفة على محذوف، ففي الصحيح "فانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا -أي جدد به العهد بزيارته، فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى، فلما قدم عليه .... إلخ.
(قال: انزل. وألقى له وسادة) أي انزل عن دابتك، واجلس على الوسادة، ومعنى "ألقى له وسادة" فرشها له، ليجلس عليها، والوسادة ما يجعل تحت رأس النائم، وكانت عادتهم أن من أرادوا إكرامه وضعوا الوسادة تحته، مبالغة في إكرامه.
(وإذا رجل عنده موثق) وعند الطبراني "فإذا عنده رجل موثق بالحديد".
(قال: لا أجلس حتى يقتل) كأن معاذا نزل عن دابته، ووقف، ولم يجلس على الوسادة.
(قضاء الله ورسوله) "قضاء" بالرفع خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبه بفعل محذوف، أي الزم قضاء الله ورسوله.
(فقال: اجلس نعم، قال: لا أجلس ... إلخ) أي نعم سنجيب طلبك فاجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل.
(ثلاث مرات) أي كررا هذا الكلام ثلاث مرات، أبو موسى يقول: اجلس، ومعاذ يقول: لا أجلس فقوله "ثلاث مرات" من كلام الراوي، لا تتمة كلام معاذ.
(ثم تذاكرا القيام من الليل) في رواية "قال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن"؟ أي في صلاة الليل؟ وفي رواية "فقال أبو موسى: أقرؤه قائما وقاعدا وعلى راحلتي وأتفوقه" أي ألازم قراءته في جميع الأحوال، شيئا بعد شيء، وحينا بعد حين، مأخوذ من فواق الناقة، وهو أن تحلب، ثم تترك ساعة حتى تدر، ثم تحلب، "كيف تقرأ أنت يا معاذ"؟
(فقال أحدهما معاذ) "معاذ" بدل من "أحدهما".
(أما أنا فأنام وأقوم) أي أجزئ الليل أجزاء، جزءا للنوم، وجزءا للقراءة والقيام.
(وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي) معناه إني أنام بنية القوة، واستجماع النفس للعبادة، وتنشيطها للطاعة، فأرجو في ذلك الأجر، كما أرجو في قومتي، أي في صلاتي وقراءتي، وحاصله أنه يرجو الأجر في ترويح نفسه بالنوم، ليكون أنشط عند القيام، وفي رواية "فاحتسبت نومتي، كما احتسبت قومتي" فهو يطلب الثواب في الراحة، كما يطلبه في التعب.
(ألا تستعملني؟ ) أي ألا تتخذني عاملا على ولاية؟ طلب برفق عن طريق العرض.

الصفحة 426