كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

طلب عدم الرؤية طلبا موجها إلى نفس المتكلم، لكن المراد الطلب من المخاطب عدم الحضور هنا ليتحقق عدم رؤيتي له. والمعنى كما قال النووي: لا تعملوا عملا أجدكم بسببه على هذه الصفة. اهـ. يقال: ألفاه، أي وجده وصادفه، والمراد من الرقبة هنا الكتفان ليحيط المحمول بالرقبة و"الرغاء" بضم الراء وتخفيف الغين صوت البعير.
(لا أملك لك شيئا) قال القاضي: معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله، قال: ويكون ذلك أولا غضبا عليه لمخالفته، ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك. اهـ. ومعناه إضافة قيد، أي لا أملك لك شيئا من المساعدة الآن، وكأنه صلى الله عليه وسلم أبرز هذا الوعيد بدون القيد في مقام الزجر والتغليظ.
(قد أبلغتك) في الدنيا عقوبة من فعل ذلك، فلا عذر لك.
(على رقبته فرس له حمحمة) بحاءين مفتوحتين، بينهما ميم ساكنة، وهي صوت الفرس عند العلف، وهو دون الصهيل.
(على رقبته شاة لها ثغاء) بضم الثاء وتخفيف الغين، وهو صوت الشاة.
(على رقبته نفس لها صياح) كأنه أراد بالنفس ما يغله الغال من الرقيق من امرأة أو صبي.
(على رقبته رقاع تخفق) المراد بالرقاع الثياب، ومعنى "تخفق" بفتح التاء وسكون الخاء وكسر الفاء، تتقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح، وقيل: معناه تلمع، والأول أنسب.
(على رقبته صامت) الصامت الذهب والفضة، وقيل: ما لا روح فيه من أصناف المال، وليس الهدف من حمل هذا ثقله، وإنما الهدف الفضيحة، فلا فرق فيها بين الثقيل والخفيف.

-[فقه الحديث]-
ذكر الإمام مسلم هذا الحديث في كتاب الإمارة، ولعله لاحظ قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل} وكأنه يشير إلى تحذير الأمراء والحكام من سرقة أموال الشعب، لكن وضع هذا الحديث في كتاب الجهاد والسير -كما فعل البخاري- أولى وأنسب.
قال النووي: الحديث يصرح بعظم تغليظ الغلول، وقد أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول، وأنه من الكبائر، وأجمعوا على أن على الغال رد ما غله، [إذا كان قبل القسمة] فإن تفرق الجيش، وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء، قال الشافعي وطائفة: يجب تسليمه إلى الإمام أو الحاكم، كسائر الأموال الضائعة، وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن والزهري والأوزاعي ومالك والثوري والليث وأحمد والجمهور: يدفع خمسه إلى الإمام، ويتصدق بالباقي.
واختلفوا في صفة عقوبة الغال، فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار: يعزر على حسب ما يراه

الصفحة 439