كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

(أذن لي في البدو) البدو البادية، أي أذن لي في الإقامة بالبادية.
(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة) في الرواية الثالثة "جئت بأخي أبي معبد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح، فقلت: يا رسول الله، بايعه على الهجرة" والظاهر أنه جاء يطلب المبايعة على الهجرة له ولأخيه، في مجيء واحد.
(إن الهجرة قد مضت لأهلها) في الرواية الثالثة "قد مضت الهجرة بأهلها" قال النووي: معناه أن الهجرة الممدوحة الفاضلة، التي لأصحابها المزية الطاهرة، قد مضت، وثبتت لأهلها، لأنها خصت بما وقع منها قبل الفتح. اهـ.
(ولكن على الإسلام والجهاد والخير) في الرواية الثالثة "قلت: فبأي شيء تبايعه؟ قال: على الإسلام والجهاد والخير".
(بعد الفتح) أل في الفتح للعهد، أي بعد فتح مكة، قالوا: المعنى لا هجرة من مكة بعد أن فتحت، لأنها صارت دار إسلام فلا تقصد منها الهجرة، وقال غيرهم: قال النووي: وهو الأصح: إن معناه أن الهجرة الفاضلة مضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة، لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا، بخلاف ما قبله.
(ولكن جهاد ونية) قال الطيبي: هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله، والمعنى أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن، التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة انقطعت، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية، وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة، كالفرار من دار الكفر، وكالخروج في طلب العلم، وكالفرار بالدين من الفتن، والنية في جميع ذلك، فقوله "ولكن جهاد" معطوف على محل مدخول "لا هجرة" أي الهجرة من الوطن إما للفرار من الكفار، أو إلى الجهاد، أو إلى غير ذلك، كطلب العلم، فانقطعت الأولى، وبقي الأخريان، فاغتنموهما، ولا تقاعدوا عنهما، بل إذا استنفرتم فانفروا.
(وإذا استنفرتم فانفروا) قال النووي: يريد أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة، يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة، وإذا أمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه من الأعمال الصالحة فاخرجوا إليه، وأصل النفير مفارقة مكان إلى مكان، لأمر حرك ذلك، والمراد منه هنا الخروج لمحاربة الكفار.
(ويحك) "ويح" كلمة ترحم وتوجع، وقيل: هي بمعنى ويل لك.
(إن شأن الهجرة لشديد) هذا الأعرابي جاء من البادية إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفتح، ويطلب البيعة على الهجرة، والبقاء في المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم وترك أهله ووطنه، وكثير من الأعراب لا يتحملون ذلك، فقد بايع بعض الأعراب من قبل، ثم طلبوا الإقالة من البيعة، فخاف صلى الله عليه وسلم على

الصفحة 491