كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

-[المباحث العربية]-
(يقول لنا: فيما استطعت) التاء مضمومة، تاء المتكلم، أي يقول لنا: قل: فيما استطعت.
(عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال) يقال: عرض الأمير الجند، أقرهم عليه واحدا واحدا، ليتعرف حالهم.
(فلم يجزني) بضم الياء وكسر الجيم وسكون الزاي، أي فلم يقبلني محاربا.
(فكتب لعماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة) فأكثر، أي يفرضوا له سهما من الغنيمة.
(ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال) أي في الصبية المحتاجين إلى كافل ومنفق، غير مستقل.

-[فقه الحديث]-
قال النووي عن الحديث الأول: فيه كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته، حيث يلقنهم أن يقولوا: فيما استطعت، لئلا يدخل في عموم بيعته ما لا يطيقه، وفيه أن الإنسان إذا رأى من يلتزم ما لا يطيقه ينبغي أن يقول له: لا تلتزم، لا تطيق، فيترك بعضه، وهو من نحو قوله صلى الله عليه وسلم "عليكم من الأعمال ما تطيقون".
وقال عن الحديث الثاني: هذا دليل لتحديد البلوغ بخمس عشرة سنة، وهو مذهب الشافعي والأوزاعي وابن وهب وأحمد وغيرهم، قالوا: باستكمال خمس عشرة سنة يصير مكلفا، وإن لم يحتلم، فتجري عليه الأحكام من وجوب العبادة وغيره، ويستحق سهم الرجل من الغنيمة، ويقتل إن كان من أهل الحرب.
وفيه دليل على أن الخندق كانت سنة أربع من الهجرة، وهو الصحيح، وقال جماعة من أهل السير والتواريخ: كانت سنة خمس، وهذا الحديث يرده، لأنهم أجمعوا على أن أحدا كانت سنة ثلاث، فيكون الخندق سنة أربع، لأنه جعلها في هذا الحديث بعده بسنة.

الصفحة 501