كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة عينا) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ "بسيسة" بباء مضمومة، وبسينين مفتوحتين، بينهما ياء ساكنة. قال القاضي: هكذا هو في جميع النسخ، قال: وكذا رواه أبو داود وأصحاب الحديث. قال: والمعروف في كتب السيرة "بسبس" بباءين مفتوحتين، بينهما سين ساكنة، وهو بسبس بن عمرو، ويقال: ابن بشر، من الأنصار، من الخزرج، ويقال: هو حليف لهم. وقال الحافظ: ويجوز أن يكون أحد اللفظين اسما له، والآخر لقبا، ومعنى "عينا" جاسوسا، أي متجسسا ورقيبا.
(ينظر ما صنعت عير أبي سفيان) العير هي الدواب التي تحمل الطعام وغيره من الأمتعة، وقال في المشارق: العير هي الإبل والدواب، تحمل الطعام وغيره من التجارات، قال: ولا تسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك، وقال الجوهري في الصحاح: العير الإبل تحمل الميرة، وجمعها عيرات بكسر العين وفتح الياء. اهـ. والمعنى ليحمل له خبر قافلة أبي سفيان الآتية من الشام إلى مكة.
(قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه) أي قال ثابت الراوي عن أنس: لا أدري وقد استثنى أنس نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم لم يستثن إحدى نسائه صاحبة البيت؟ هل كان خاليا من إحدى أمهات المؤمنين؟ أو كانت إحداهن موجودة فيه في حجرة أخرى، فلم يعدها موجودة؟
(فحدثه الحديث) أل في "الحديث" للعهد، أي حديث غير أبي سفيان، وما وصلت إليه.
(فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم) أي فخطب الصحابة.
(فقال: إن لنا طلبة) الفاء تفسيرية، و"طلبة" بفتح الطاء وكسر اللام، أي شيئا نطلبه، أي إن لنا هدفا ومقصدا في خروجنا، يقصد العير أو الحرب، وقد وعده الله إحدى الطائفتين.
(فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا) المراد بالظهر ما يركب من الدواب، إبل أو خيل أو حمير.
(فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة، فقال: لا. إلا من كان ظهره حاضرا) قال النووي: "ظهرانهم" بضم الظاء، وإسكان الهاء، أي مركوباتهم، و"علو المدينة" بضم العين وكسرها. اهـ. أي ضاحية المدينة، والمعنى أن رجالا يسكنون أطراف المدينة، وفيها دوابهم، أخذوا يستأذنونه أن يؤخر الرحيل، حتى يذهبوا إلى بيوتهم، ويعدون رواحلهم، ويأتون بها، لكنه لعجلته صلى الله عليه وسلم قال لهم: لن ننتظر، سنخرج بمن هو جاهز.
(لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه) "لا يقدمن" ضبطها في الأصول بضم الياء وفتح القاف وتشديد الدال المكسورة، مضارع قدم بتشديد الدال، وهو متعد بنفسه، والمعنى لا يقدمن أحد منكم نفسه إلى شيء حتى أكون أنا دونه وقبله وقدامه إلى ذلك الشيء، لئلا يفوت شيء من المصالح التي لا تعلمونها، فهو نهي عن التعجل

الصفحة 549