كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

وقد قيل فلا أجر لكم كالمنفق ماله رئاء الناس، ويوم يطلب أجرا على نفقته يقال له: أنفقت ليقال إنك كريم جواد فقد قيل، فلا أجر لك على نفقتك، ولن تكفر هذه النفقة شيئا من خطاياك، فاحمل خطاياك واذهب بها إلى النار، فاللهم ارزقنا الإخلاص في العمل، ابتغاء وجهك الكريم.

-[المباحث العربية]-
(أن رجلا أعرابيا) قال الحافظ ابن حجر: قوله "أعرابيا" يدل على وهم ما وقع عند الطبراني من وجه آخر، عن أبي موسى أنه قال: يا رسول الله فذكره، فإن أبا موسى وإن جاز أن يبهم نفسه لكن لا يصفها بكونه أعرابيا، وهذا الأعرابي يصلح أن يفسر بلاحق بن ضميرة، فقد جاء بإسناد ضعيف أنه سأل السؤال، وفي رواية بإسناد ضعيف عن معاذ بن جبل أنه سأل السؤال، ومعاذ أيضا لا يقال له أعرابي، فيحمل على التعدد. اهـ. ويبدو أن الحافظ ابن حجر لم يطلع على رواية مسلم، روايتنا الثالثة، ولفظها عن أبي موسى: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا .... " فيمكن حمل الحديث على أن الأعرابي وأبا موسى وغيرهما سأل واحد منهم ووافقه الآخرون، فنسب السؤال إلى كل منهم، بدون تعدد السؤال.
(والرجل يقاتل ليذكر) بضم الياء وفتح الكاف، مبني للمجهول، أي ليذكره الناس بالشجاعة، ويشتهر عندهم بالجرأة والإقدام، ولفظ البخاري "والرجل يقاتل للذكر" بكسر الذال، وفي رواية أخرى للبخاري "ويقاتل شجاعة" كروايتنا الثانية والثالثة.
(والرجل يقاتل ليرى مكانه) "يرى" بضم الياء، مبني للمجهول، أي ليراه الناس، أي رياء، كما هو لفظ روايتنا الثانية، فمرجع الذي قبله "للذكر" أي السمعة، ومرجع هذا إلى الرياء.
(ويقاتل حمية) هذا لفظ الرواية الثانية والرابعة، أي أنفة وغيرة ومحاماة عن أهل أو عشيرة أو صاحب.
(الرجل يقاتل غضبا) هذا لفظ الرواية الرابعة، أي لأجل حظ نفسه، قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يفسر القتال للحمية بدفع المضرة، والقتال غضبا بجلب المنفعة، فالحاصل من رواياتهم أن القتال يقع بسبب خمسة أشياء: المغنم، وإظهار الشجاعة، والرياء، والحمية، والغضب، وكل منها يتناوله المدح والذم، فلهذا لم يحصل الجواب بالإثبات ولا بالنفي.
(فمن في سبيل الله؟ ) أي فمن من هؤلاء في سبيل الله؟ وفي الرواية الثانية "أي ذلك في سبيل الله"؟
(من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله) في الرواية الثانية والرابعة "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" و"هي العليا" أسلوب قصر، أي الأعلى، بحيث يعد علو غيرها ليس علوا. وهذا الجواب يتضمن نفي أن يكون المذكورون من قبل في سبيل الله، وكأنه قال: كل ذلك ليس في سبيل الله، حتى الممدوح منها الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر، هو ليس في

الصفحة 559