كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 7)

(إني أرسل الكلاب المعلمة) أي أرسلها نحو الصيد، وأحرضها عليه، والمراد بالمعلمة التي إذا أغراها صاحبها على الصيد طلبته، وإذا زجرها انزجرت، وإذا أخذت الصيد حبسته على صاحبها، وفي هذا الوصف الثالث خلاف بين الفقهاء، واختلف متى يعلم ذلك منها، فقيل: أقله ثلاث مرات، وعن أبي حنيفة وأحمد يكفي مرتين، والجمهور على عدم تحديد المرات، لاختلاف العرف، واختلاف طباع الكلاب وذكائها.
وفي الرواية الثانية "إنا قوم نصيد بهذه الكلاب" أي المعلمة.
(وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن) جواب الشرط فيهما محذوف للعلم به.
(ما لم يشركها كلب ليس معها) قال النووي: المراد كلب آخر استرسل بنفسه، أو أرسله من ليس من أهل الذكاة، أو شككنا في ذلك. اهـ. وفي الرواية الثانية "وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل" لأنك لا تدري. أهي مرسلة من أهل الذكاة أم لا؟ وفي الرواية الثالثة "فإن وجدت مع كلبي كلبا آخر، فلا أدري أيهما أخذه؟ قال: فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك" وأرسلته "ولم تسم على غيره" ولم ترسله، ولم تعلم حاله. وفي الرواية الرابعة "فإن وجدت عنده كلبا آخر، فخشيت أن يكون أخذه معه، وقد قتله، فلا تأكل".
(فإني أرمي بالمعراض الصيد) "المعراض" بكسر الميم وسكون العين، قال النووي: هي خشبة ثقيلة، أو عصا في طرفها حديدة، وقد تكون بغير حديدة، هذا هو الصحيح في تفسيره، وقال الهروي: هو سهم لا ريش له ولا نصل، وقال ابن دريد: هو سهم طويل، له أربع قذذ رقاق -القذة بضم القاف وتشديد الذال ريش كريش الطائر يركب في السهم- فإذا رمي به اعترض، وقيل: هو عود رقيق الطرفين، غليظ الوسط، إذا رمي به ذهب مستويا.
(إذا رميت بالمعراض فخزق فكله) "خزق" بفتح الخاء والزاي، بعدها قاف، ومعناه نفذ، وقد تبدل الزاي سينا، وقيل: معناه خدش، ولم يثبت في الصيد، أي إذا أصاب المعراض الصيد بحده حل.
(وإن أصابه بعرضه فلا تأكله) "عرضه" بفتح العين وسكون الراء، أي وسطه غير الطرف المحدد، وفي الرواية الثالثة "إذا أصاب بحده" أي طرفه المدبب "فكل، وإذا أصاب بعرضه فقتل" المعراض الصيد "فإنه وقيذ، فلا تأكل" والوقيذ بمعنى موقوذ، وهو الذي يقتل بغير محدد، من عصا أو حجر أو غيرهما، وأصل الوقذ الكسر والرض، والتقييد في هذه الرواية بقوله "فقتل" احتراز من إدراكه حيا فيذكى.
(فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه) يقول الله تعالى {فكلوا مما أمسكن عليكم} أي وإن

الصفحة 611