كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 7)

وإن اشترط عمل رب الدابة: فالغلة له، وعليه كراؤهما،
__________
برحا، والآخر بدابة، والآخر ببيت، على أن يعملوا بأيديهم والكسب بينهم أثلاثا فعملوا على ذلك وجهلوا أن ذلك لا يجوز فإن ما أصابوه يقسم بينهم أثلاثا إن كان كراء البيت، والرحى والدابة معتدلا وتصح الشركة؛ لأن كل واحد أكرى متاعه بمتاع صاحبه ألا ترى أن الرحى والبيت والدابة لو كان ذلك لأحدهم فأكرى ثلثي ذلك من صاحبيه وعملوا جازت الشركة، وإن كان كراء ما أخرجوه مختلفا قسم المال بينهم أثلاثا؛ لأن رءوس أموالهم عمل أيديهم، وقد تكافئوا فيه ويرجع من له فضل كراء على صاحبه فيترادون ذلك بينهم، وإن لم يصيبوا شيئا؛ لأن ما أخرجوه مما يكرى قد أكري كراء فاسدا ولم يتراجعوا في عمل أيديهم لتساويهم فيه انتهى. فظاهرها أن الشركة لا تجوز ابتداء حتى يكري أحدهما نصيبه بنصيب صاحبه لكنها إن وقعت صحت إذا تساوت الأكرية وعليه حملها أبو محمد وغيره وتأول سحنون المدونة على أنها إنما تمتنع إذا كان كراء هذه الأشياء مختلفا واحتج بقوله: "وتصح الشركة" لأن كل واحد أكرى متاعه بمتاع صاحبه، وقال أبو محمد: معنى قوله: "تصح" أنها تئول إلى الصحة لا أنها تجوز ابتداء وعلى تأويل سحنون مشى المصنف؛ لأن مفهوم الشرط أعني قوله إن لم يتساو الكراء يقتضي أنه إذا تساوى الكراء جازت وقول المصنف: "وتساووا في الغلة" قابل لأن يكون بيانا لفرض المسألة، أو تقريرا لحكمها بعد الوقوع كما قال ابن غازي وصفة التراد ذكرها ابن يونس عن ابن أبي زيد، ونقلها أبو الحسن ونقلها الشارح في الكبير. ص: (وإن شرط عمل رب الدابة فالغلة له وعليه كراؤها) ش: هذا قول ابن القاسم في المدونة، ولا خصوصية لرب الدابة، وإنما ذكره المصنف؛ لأنه فرضها في المدونة كذلك، وقد قال اللخمي، وكذلك إن كان العامل صاحب الرحى فعلى قول ابن القاسم يكون له ما أصاب وعليه إجارة المثل للآخرين وليس هذا بالبين وأرى أن يكون كل ما أصيب مفضوضا على قدر إجارة الرحا

الصفحة 104