كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 7)

__________
الأحمال وما أشبهه فدخلوا عليه فأراد أن يجعل عليه نجافا وبابا حتى تكون الرحبة له فناء، ولم يكن على الرحبة باب، ولا نجاف قال: ليس له ذلك قال ابن رشد هذا كما قال: إنه ليس له أن يجعل على الرحبة نجافا وبابا ليختص بمنفعتها ويقطع ما للناس من الحق في الارتفاق بها؛ لأن الأفنية لا تحجر إنما لأربابها الارتفاق بها وكراؤها فيما لا يضيقها على المارة فيه من الناس، ولا يضر بهم فيه على ما يأتي في رسم تأخير صلاة العشاء بعد هذا، وقد اختلف فيمن تحجر من الفناء الواسع الشيء اليسير الذي لا يضر تحجيره بمن يمر في الطريق هل يقر ذلك أم يهدم عليه على ما يأتي في رسم زونان وسماع أصبغ بعد هذا انتهى. ويشير برسم تأخير صلاة العشاء لكلامه الذي فوق هذا وبسماع زونان وسماع أصبغ لما تقدم في شرح قول المصنف: "ويهدم بناء بطريق، ولو لم يضر". والنجاف قال في الصحاح: العتبة وهي أسكفة الباب انتهى.
تنبيه: قال ابن عرفة في إحياء الموات والطرق إثر قول ابن رشد المتقدم "لأن ما كان للرجل أن ينتفع به كان له أن يكريه" ما نصه: قلت: وهذه الكلية غير صادقة؛ لأن بعض ما للرجل أن ينتفع به لا يجوز له أن يكريه كجلد الأضحية وبيت المدرسة للطالب ونحوه انتهى. ولم يتعقبه بنقل يرده لكن قال قبله بنحو السبعة الأوراق ابن الحاجب تابعا لابن شاس: والمحفوفة بالملك لا تختص ولكل الانتفاع بملكه وحريمه قلت: في تسوية الانتفاع بحريمه وملكه بمجرد عطفه عليه نظر؛ لأن مسمى حريمه المغاير لمسمى ملكه لعطفه عليه إنما يصدق على الفناء وليس انتفاعه به كانتفاعه بملكه لجواز كرائه ملكه مطلقا وأما فناؤه فسمع ابن القاسم ونقل كلام العتبية المتقدم وكلام ابن رشد وكلامه المتقدم ذكره ويشهد لما قاله ابن عرفة من أنه ليس انتفاعه بفنائه كانتفاعه بملكه قول ابن رشد في شرح ثاني مسألة من الأقضية: "أفنية الدور المتصلة بطريق المسلمين ليست بملك لأرباب الدور كالأملاك المحوزة التي لأربابها تحجيرها على الناس لما للمسلمين من الارتفاق بها في مرورهم إذا ضاق الطريق عنهم بالأحمال وشبهها إلا أنهم أحق بالانتفاع بها فيما يحتاجون إليه من الرحى وغيره". وسيأتي في الفرع الذي في آخر القولة عن ابن رشد وابن أبي زيد نحو هذا ورأيت في مسائل الضرر من البرزلي ما نصه لا شك أنه أي رب الفناء مقدم في الانتفاع بالفناء في ربط دابته وإلقاء كناسته وحفر بئر مرحاض ونحو ذلك ما لم يضر بالمارة حتى ادعى ابن رشد أن له كراءه؛ لأن من ملك المنفعة جاز له كراؤها والصواب أن له الانتفاع فقط فليس له فيه التصرف التام انتهى.
قلت: في قوله: "ادعى ابن رشد" نظر، لأنه يقتضي أن ابن رشد قال ذلك من نفسه، وقد علمت أنه قول مالك كما تقدم، وقال الأبي في شرح مسلم في كتاب الصلاة في حديث اتخاذ المساجد: الفناء ما يلي الجدران من الشارع المتسع النافذ فلا فناء للشارع الضيق؛ لأنه لا يفضل منه شيء عن المارة وكذا لا فناء لغير النافذة؛ ولأن للأفنية حكم الطريق وهي لا تملك، وإنما لأربابها الانتفاع بها واختلف هل لهم أن يكروها؟ انتهى. ويفهم من كلام المصنف أنه لا

الصفحة 125