كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 7)

بمنفعة تتقوم،
__________
والله أعلم. ولهذا لما أن حمل ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب، والذي في الصلاة الأول من المدونة على ظاهره قال ما نصه: ذكر في المدونة مثل ما قاله المؤلف من التفرقة بين السكنى على ظهر المسجد أو تحته، ولم يقل؛ لأن له حرمة المسجد أي: لا على المسجد حرمته فإن ذلك ليس بالبين، ولا سيما، والكلام فيما إذا حبس على هذه الصورة نعم ليس من الأدب الاعتلاء على رءوس المصلين الفضلاء وأهل الخير، وقد فعل ذلك أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه لما أن نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن بيتا عنده، وسكن أبو أيوب غرفة عليها، وانهرقت جرة في الغرفة فخشي أن ينزل منها شيء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسد الكوة التي هناك بقطيفة عنده، ونقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغرفة ونزل هو وأهله إلى البيت واحتج في المدونة لما ذكره بأن عمر بن عبد العزيز كان يبيت بالمدينة فوق ظهر المسجد إذ كان أميرا فلا تقربه امرأة، وليس في هذا دليل؛ لأن مسجد المدينة سبق تحبيسه على أيام عمر بن عبد العزيز والسكنى بالأهل، أو المبيت بهم على ظهره مخالف لمقتضى ما بني له ذلك المسجد، وإنما الكلام فيمن أراد إنشاء تحبيس مسجد على هذه الصورة انتهى. ورأيت لبعض علماء الأندلس كلاما أجاب به حين سئل عن كلام المصنف هنا، وفي إحياء الموات، وذكر في الجواب نحو ما ذكرناه إلا أنه جعل قول المصنف هنا وبناء مسجد للكراء وسكنى فوقه مسألة واحدة، وهي أن يبني مسجدا ليكريه ويتخذ فوقه بيتا قال: وكلامه في إحياء الموات في اتخاذ منزل فوق مسجد محبس مباح لعموم الناس انتهى. وفي جعله الفرعين فرعا واحدا انظر، والصواب ما قدمناه، وبعض علماء الأندلس المشار إليه هو الشيخ العلامة مفتي غرناطة أبو عبد الله محمد بن أحمد الجعدالي الغرناطي والله أعلم. ص: (بمنفعة) ش: يتعلق بقوله: "صحت الإجارة". قال الشيخ بهرام الباء سببية، وقال البساطي للاستعانة، والظاهر الأول: قال ابن عرفة: المنفعة ما لا تمكن الإشارة إليه حسا دون إقامة يمكن استيفاؤه غير جزء مما أضيف إليه انتهى.
فرع: قال اللخمي في كتاب الشركة في شركة الأبدان: اختلف فيمن استأجر أجيرا ليأتيه بالغلة فأجيز ومنع انتهى. ومذهب المدونة المنع نص على ذلك في كتاب الجعل والإجارة منهما. ص: (تتقوم) ش: في كثير من النسخ بضم التاء الأولى وفتح الثانية، والظاهر فتحهما معا، والمعنى: أن لها قيمة واحترز به من التافه الحقير الذي لا يجوز مقابلته بالمال في نظر الشرع البساطي كاستئجار نار ليوقد منها سراجا، وقد اختلف في جواز الإجارة ومنعها في فروع نظرا إلى أن المنفعة فيها متقومة أم لا منها إجارة المصحف للقراءة فيه، وإجارة الأشجار لتجفيف الثياب عليها على ما ذكره ابن الحاجب وابن شاس ومشى المصنف فيهما على الجواز، فقول الشارحين هنا احترز به من إجارة الأشجار

الصفحة 544