كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 7)
__________
فتح الباري على ذكر الرواية الأولى من روايتي أبي داود ولم يذكر الثانية وذكرها في تخريجه لأحاديث الرافعي وعزاها للإمام أحمد وأبي داود والحاكم وقال إنها مدرجة يعني حمى النقيع. وذكر أن البخاري وهم من أدرجها وقال أيضا في تخريجه لأحاديث الرافعي: أغرب عبد الحق في الجمع فجعل قوله: "وبلغنا" من تعليقات البخاري وتبعه على ذلك ابن الرفعة قال: ويكفي في الرد عليهما أن أبا داود صرح بأنه من مراسيل الزهري يعني في الرواية الأولى ثم ذكر أن الإمام أحمد وابن حبان أخرجا من حديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين" والصعب ضد السهل وعلى وزنه وجثامة بجيم مفتوحة وثاء مثلثة مشددة ذكره النووي في أول كتاب الحج من شرح مسلم.
الثاني: اقتصر عبد الحق في الأحكام على عزو الحديث لأبي داود واقتصر على الرواية الثانية من روايتيه وزاد فيها لفظ "ولرسوله" فقال: روى أبو داود عن الصعب بن جثامة "أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع وقال: "لا حمى إلا لله ولرسوله" وقال علي بن عبد العزيز في المنتخب حمى النقيع لخيل المسلمين ترعى فيه ثم ذكر حديثين آخرين ثم قال وأصح هذه الأحاديث حديث الصعب بن جثامة وهو الذي يعول عليه انتهى. تبعه على ذلك ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح وابن عرفة وقد علمت أن الحديث في صحيح البخاري وأخرج النسائي في سننه في كتاب الحمى وفي كتاب السير من حديث مالك عن ابن شهاب الموصول منه أعني قوله: "لا حمى إلا لله ولرسوله" وعزا جماعة من الشافعية حديث أنه صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لابن حبان وقد علمت أنه في صحيح البخاري فعزوه له أولى وإن كان مرسلا لأن مراسيل البخاري كلها صحيحة ولا سيما وقد اعتضد بحديث ابن عمر المذكور والله أعلم.
الثالث: وقع للحاكم أن البخاري ومسلما اتفقا على إخراج حديث "لا حمى إلا لله ورسوله" وتبعه على ذلك أبو الفتح القشيري في الإلمام وابن الرفعة في المطلب قال الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث الرافعي وقد وهم الحاكم في ذلك فإن الحديث من أفراد البخاري.
الرابع: اقتصر ابن الأثير في جامع الأصول على عزو الحديث للبخاري وأبي داود ولم يذكر النسائي وقد علمت أنه رواه في موضعين من سننه.
الخامس: قال في النهاية في معنى الحديث أعني قوله صلى الله عليه وسلم: "لا حمى إلا لله ولرسوله" أنه صلى الله عليه وسلم نهى عما كانت تفعله الجاهلية وأضاف الحمى لله ولرسوله أي إلا ما يحمي للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله انتهى. وقال ابن عبد السلام في شرح ابن الحاجب لما ذكر الحديث تأوله الجمهور على معنى أنه لا ينبغي أن يحمى إلا كما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم لخيل المجاهدين وشبه ذلك مثل ما فعله الخلفاء بعده حموا لإبل الغزاة