كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 7)

.....................................................................................
__________
انتهى. وقال الجلال السيوطي في حاشية البخاري قوله لا حمى إلا لله ولرسوله قال الشافعي يحتمل معنيين أحدهما لا حمى إلا ما حماه صلى الله عليه وسلم والثاني لا حمى إلا مثل ما حماه؛ فعلى الأول ليس لأحد من الولاة أن يحمي بعده وعلى الثاني يختص بمن قام مقامه فهو الخليفة دون سائر نوابه انتهى. ومقتضى كلامه أنه يتفق على أنه ليس لنواب الإمام أن يحموا وقال في فتح الباري والأرجح عند الشافعية أن الحمى يختص بالخليفة ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم ومحل الجواز أن لا يضر بكافة المسلمين انتهى. والذي اقتصر عليه صاحب الإرشاد من الشافعية أن الحمى لا يختص بالإمام بل لولاته أن يحموا وقال ابن أبي شريف في شرحه أنه الأصح والذي رأيته في كلام كثير من أصحابنا المالكية أنه يجوز للإمام أن يحمي بالشروط التي تقدم ذكرها ولم يتكلموا على نوابه ولكن مقتضى كلام أهل المذهب أن ذلك بحسب عموم الولاية وخصوصها فإذا عم الإمام الولاية على بلد لأمير جاز له أن يحمي وأخرى إذا فوض إليه النظر في أمر الحمى والله أعلم.
السادس: قال ابن عرفة بعد أن ذكر كلام عبد الحق المتقدم لفظ النقيع وجدته في نسخة صحيحة من الباجي ومن أحكام عبد الحق بالنون قبل القاف وذكره البكري بالباء قبل القاف وكذا وجدته في نسخة صحيحة من النوادر وهو مقتضى قول اللغويين قال الجوهري في حرف الباء والبقيع موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى وبه سمي بقيع الغرقد وهو مقبرة المدينة ونحوه في مختصر العين ومثله لابن سيده وزاد والغرقد شجر له شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازما للموضع ولم يذكر أحد منهم النقيع بالنون قبل القاف أنه اسم موضع مع كثرة ما جلب فيه ابن سيده في المحكم وقال الباجي في آخر الموطإ في ترجمة ما يتقى من دعوة المظلوم وفيه ذكر الحمى فقال الباجي وهذا الحمى هو النقيع بالنون ولم يتكلم عياض في مشارقه على هذه الكلمة لعدم وقوعها في الموطإ والصحيحين انتهى.
قلت: وكأنه رحمه الله لم يقف على ما ذكره القاضي عياض في المشارق في آخر حرف الباء الموحدة لما ذكر أسماء المواضع ونصه بقيع الغرقد الذي فيه مقبرة المدينة بباء بغير خلاف وسمي بذلك لشجرات غرقد وهو العوسج كانت فيه وكذلك بقيع بطحان جاء في الحديث وهو بالباء أيضا قال الخليل البقيع كل موضع من الأرض فيه شجر شتى وأما الحمى الذي حماه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر بعده وهو الذي يضاف إليه في الحديث "غرز النقيع" وفي الآخر "بقدح لبن من النقيع". وحمى النقيع وهو على عشرين فرسخا من المدينة وهو صدر وادي العقيق وهو أخصب موضع هنالك وهو ميل في بريد وفيه شجر ويستجم حتى يغيب فيه الراكب فاختلف الرواة وأهل المعرفة في ضبطه فوقع عند أكثر رواة البخاري بالنون وكذا قيده النسفي وأبو ذر والقابسي وسمعناه في مسلم من أبي بحر بالباء وكذا روي عن ابن

الصفحة 607