كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 7)

ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره والمحرمة حتى تحل
ـــــــ
لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: من الآية3] ولأنه لا يؤمن أن يلحق به ولد من غيره، فحرمت كالمعتدة ويشترط انقضاء العدة أما على الزاني فلأن ولدها لا يلحق به فيفضي نكاحه بها إلى اشتباه من لا يلحق نسبه بأحد ممن يلحق نسبه به وأما على غيره فلأنها معتدة من غيره وبالجملة إذا حملت من الزنى فلا يحل نكاحها قبل الوضع لقوله عليه السلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه ولأنها حامل من غيره أشبه سائر الحوامل.
وقيل: لا يحرم نكاحها كما لو لم تحمل فعلى الأول يلزمها العدة ويحرم النكاح فيها لاشتباه الأنساب وتشترط التوبة منه لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وهي قبل التوبة في حكم الزنى فإذا تابت زال ذلك وتوبتها كغيرها صححه المؤلف وقدمه في "الفروع" ونصه الامتناع من الزنى بعد الدعاية إليه روى عن عمر وابن عباس وظاهره لا تشترط التوبة من الزاني وعنه: بلى إن نكحها ذكره ابن الجوزي عن الأصحاب وعلم منه أنها إذا تابت وانقضت عدتها حلت للزاني وغيره في قول أكثرهم.
فائدة: إذا زنت امرأة رجل أو زنى زوجها قبل الدخول أو بعده لم ينفسخ النكاح في قول عامتهم وعن جابر يفرق بينهما وليس لها شيء وعن الحسن مثله ولنا أن دعواه الزنى عليها لا يبينها ولو كان النكاح ينفسخ به لانفسخ بمجرد دعواه كالرضاع ولأنه معصية أشبهت السرقة ولكن استحب أحمد مفارقتها إذا زنت وقال لا أرى أن يمسك مثل هذه ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض والأولى بحيضة.
"ومطلقته ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره" لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } [البقرة: من الآية230] والمراد به هنا الوطء فدل أنها إذا نكحت غيره حلت لأنه جعل ذلك غاية لتحريمها وحلها موقوف على طلاق الثاني وانقضاء عدته "والمحرمة حتى تحل" لقوله عليه السلام: "لا ينكح المحرم

الصفحة 63