كتاب منحة الباري بشرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 7)

الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قَال: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، قَال: وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إلا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلامًا قَدْ أَعْجَبَنِي، خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ، فَقَال فِي كَلامِهِ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، فَقَال حُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا، فَبَايِعُوا عُمَرَ، أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، فَقَال عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا، وَخَيْرُنَا، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَال قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَال عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ".
[انظر: 1242 - فتح: 7/ 19]
(ألا) للتنبيه. (فنشج النَّاس يبكون) بنون فمعجمة فجيم مفتوحات يقال: نشج الباكي إذا غُصَّ بالبكاء في حلقه، وقيل النشج: بكاء معه صوت. (في سقيفة بني ساعدة) هي موضع سقف كالساباط. (فتكلم أبلغ النَّاس) بنصب (أبلغ) على الحال، ويجوز رفعه خبر مبتدإٍ محذوف، أي: فتكلم أي: وهو أبلغ النَّاس. (حباب) بضم المهملة. (هم) أي: قريش.
(دارًا) أي: مكة. (وأعرب أحسابًا) أي: أشبههم شمائل وأفعالًا بالعرب، والحسب مأخوذ من الحساب يعني: إذا حسبوا مناقبهم فمن كان يعد لنفسه ولأبيه مناقب أكثر كان أحسب. (فبايعوا) بلفظ الأمر. (قتلتم سعد بن عبادة) هو كناية عن الإعراض والخذلان. (قتله الله) دعا عليه عمر لعدم نصرته للحق وتخلفه عن مبايعة أبي بكر، لكنه تُؤول أن

الصفحة 23