كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 7)

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الْعَاهِرَ لَا يَلْحَقُ بِهِ في الاسلام ولد يدعيه من الزنى وَأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَالْفِرَاشُ النِّكَاحُ أَوْ مِلْكُ الْيَمِينِ لَا غَيْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِرَاشٌ وَادَّعَى أَحَدٌ وَلَدًا مِنْ زنا فَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يليط اولاد الجاهلية بمن اسْتَلَاطَهُمْ وَيُلْحِقُهُمْ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِرَاشٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا كَذَلِكَ
وَأَمَّا الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ أَحْكَمَ اللَّهُ شَرِيعَتَهُ وَأَكْمَلَ دِينَهُ فَلَا يُلْحَقُ ولد من زنا بِمُدَّعِيهِ أَبَدًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَانَ هناك فراش أولم يَكُنْ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا ابْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْأَثْلَبُ) قَالُوا وَمَا الْأَثْلَبُ قَالَ (الْحَجَرُ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ - لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيمَا عَلِمْتُهُ - أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِأَحَدٍ وَلَدٌ يَسْتَلْحِقُهُ إِلَّا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ فَإِذَا كَانَ نِكَاحٌ أَوْ مِلْكٌ فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
وَالْفِرَاشُ فِي الْحُرَّةِ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا مَعَ إِمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ
وَالْفِرَاشُ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ إِقْرَارُ سَيِّدِهَا بِأَنَّهُ كَانَ يُلِمُّ بِهَا وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ إِقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ فَلَا ينتفى ولد الحرة اذا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ إِلَّا بِلِعَانٍ وَحُكْمُ اللِّعَانِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كُلُّهَا مِنْ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِمَّا نَقَلَتْهُ الْكَافَّةُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إِلَّا فِيمَا وَصَفْتُ
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا هُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا ادِّعَاءُ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ على ابيه ولدا بقوله (اخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَبِيهِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَفِي الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ على

الصفحة 164