كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 7)

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي هَذَا إِلَّا أَنَّ الْمُزَنِيَّ قَالَ لَيْسَ لِلثَّانِي إِلَّا أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ عَلَى فَسَادٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَصْلُ الشَّافِعِيِّ فِي (الْجَدِيدِ) وَأَنَّ قَوْلَهُ كَالْغَرِيمِ مُجْمَلَةٌ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِيهِ لَوْ دَفَعَهُ بَعْدَ أَنْ خَسِرَ فِيهِ
فقال بن الْقَاسِمِ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إِلَى آخَرَ ثَمَانِينَ دِينَارًا قِرَاضًا فَيَخْسَرُ فِيهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ يَدْفَعُ تِلْكَ الْأَرْبَعِينَ قِرَاضًا إِلَى غَيْرِهِ فَيَعْمَلُ فِيهَا فَتَصِيرُ مِائَةً فِي يَدِ الْعَامِلِ الثَّانِي أَنَّهُ يَبْدَأُ بِرَبِّ الْمَالِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ ثَمَانِينَ دِينَارًا وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ نِصْفَ الرِّبْحِ تَمَامَ التِّسْعِينَ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ الثَّانِي الْعَشْرَةَ الْبَاقِيَةَ تَمَامَ الْمِائَةِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ الثَّانِي عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا قِيمَةِ الثَّلَاثِينَ دِينَارًا وَذَلِكَ نِصْفُ مَا رَبِحَ
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ السَّبْعِينَ الْبَاقِيَةَ وَيُنْظَرُ إِلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي تَلِفَتُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الاول فان كان تعدى عليها رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا كُلِّهَا تَمَامِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا ذَهَبَتْ بِخَسَارَةٍ بَعْدُ رَجَعَ بِعِشْرِينَ تَمَامِ تِسْعِينَ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَعَدَّى فَتَسَلَّفَ مِمَّا بِيَدَيْهِ مِنَ الْقِرَاضِ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ قَالَ مَالِكٌ إِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ وَإِنْ نَقَصَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ
قَالَ مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قِرَاضًا فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ الْمَالُ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ إِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى قِرَاضِهَا وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَأَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بِكُلِّ مَنْ تَعَدَّى
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مُتَقَارِبٌ بَلْ هُوَ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْعَامِلَ اشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ أَوْ بِبَعْضِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ يَتَّجِرُ فِيهَا أَوْ يَقْتَنِيهَا فَصَاحِبُ الْمَالِ يُخَيَّرُ عَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ وَلَا مُخَالِفَ عَلِمْتُهُ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَالٌ قَدْ قَبَضَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ قِرَاضًا فَمَا عَمِلَ بِهِ فِيهِ بِمَا فِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ فِي الْقِرَاضِ وَلَا يَضُرُّهُ نِيَّةُ الْعَامِلِ الْفَاسِدَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ لَزِمَهُ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِنَفْسِهِ كَمَا لَوِ اسْتَهْلَكَهُ وَتَعَدَّى فِيهِ فَأَفْسَدَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

الصفحة 24