كتاب الاستذكار (اسم الجزء: 7)

وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ أَنْ تُكْرَى الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ مَا خَلَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثٍ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ وَلَا يُكْرِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا بِرُبُعٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى)
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ قَالُوا فَقَدْ حَاجَزَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَنَعَ مَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ الْمَعْلُومِ وَغَيْرِ الْمَعْلُومِ
وَتَأَوَّلُوا فِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ أَنَّهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ
وَذَكَرُوا حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ الْمُحَاقَلَةُ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ
قَالُوا وَسَائِرُ طَعَامِهِ كُلِّهِ فِي مَعْنَاهَا وَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً
وَقَالَ آخَرُونَ جَائِزٌ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ كُلِّهَا إِذَا كَانَ مَعْلُومًا
قَالُوا وَكُلُّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِشَيْءٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَكُنْ مَجْهُولًا أَوْ غَرَرًا
وَهُوَ قول سالم وغيره
وروى بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَكْثَرَ رَافِعٌ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ وَاللَّهِ لَنُكْرِيَنَّهَا كِرَاءَ الْإِبِلِ
وَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إسحاق قال حدثني بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقَالَ أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ عَمَّيْهِ وَكَانَا قَدْ شَهِدَا بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ
قَالَ فَتَرَكَ عَبْدُ اللَّهِ كِرَاءَهَا وَقَدْ كَانَ يُكْرِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَقُلْتُ لِسَالِمٍ أَفَتُكْرِيهَا أَنْتَ قَالَ نَعَمْ قَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُكْرِيهَا قُلْتُ فَأَيْنَ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَالَ إِنَّ رَافِعًا أَكْثَرَ عَلَى نَفْسِهِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ واصحابه

الصفحة 63