كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 7)

فِي شَيْء من طرقه ذكر الْقُنُوت، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْقُنُوت فِي الْوتر، فَرَأى عبد الله بن مَسْعُود الْقُنُوت فِي الْوتر فِي السّنة كلهَا، وَاخْتَارَ الْقُنُوت قبل الرُّكُوع، وَهُوَ قَول بعض أهل الْعلم، وَبِه يَقُول سُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن الْمُبَارك وَإِسْحَاق. انْتهى. وروى ابْن أبي شيبَة فِي (المُصَنّف) من رِوَايَة الْأسود عَنهُ أَنه: كَانَ يخْتَار الْقُنُوت فِي الْوتر فِي السّنة كلهَا قبل الرُّكُوع، وروى أَيْضا من رِوَايَة عَلْقَمَة أَن ابْن مَسْعُود وَأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يقنتون فِي الْوتر قبل الرُّكُوع، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود وَعمر أَيْضا من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي، وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر من رِوَايَة الْأسود عَن عمر، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَنْهُمَا وَعَن عَليّ وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ والبراء بن عَازِب وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَعبيدَة السَّلمَانِي وَحميد الطَّوِيل وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وروى السراج: حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر عَن الْعَلَاء بن صَالح حَدثنَا زيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَنه سَأَلَهُ عَن الْقُنُوت فِي الْوتر؟ فَقَالَ: حَدثنَا الْبَراء بن عَازِب قَالَ: سنة مَاضِيَة. وَفِي (المُصَنّف) وَقَالَ إِبْرَاهِيم: كَانُوا يَقُولُونَ: الْقُنُوت بعد مَا فرغ من الْقِرَاءَة فِي الْوتر، وَكَانَ سعيد بن جُبَير يَفْعَله حَدثنَا وَكِيع عَن هَارُون بن أبي إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول فِي قنوت الْوتر: لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات السَّبع وَحدثنَا وَكِيع عَن الْحسن بن صَالح عَن مَنْصُور عَن شيخ يكنى أَبَا مُحَمَّد أَن الْحُسَيْن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، كَانَ يَقُول فِي قنوت الْوتر: اللَّهُمَّ إِنَّك ترى وَلَا تُرى، وَأَنت بالمنظر الْأَعْلَى وَأَن إِلَيْك الرجعى، وَأَن لَك الْآخِرَة وَالْأولَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من أَن نذل ونخزى، وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ كُله يدل على أَن لَا قنوت فِي شَيْء من الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة، إِنَّمَا الْقُنُوت فِي الْوتر قبل الرُّكُوع.

3001 - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حدَّثنا زَائِدَةُ عنِ التَّيْمِيِّ عَن أبي مِجْلَزٍ عنْ أنَسٍ قَالَ قَنَتَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهْرا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وذَكْوَانَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ مَشْرُوعِيَّة الْقُنُوت، كَمَا فِي الحَدِيث السَّابِق، وَهُوَ فِي نفس الْأَمر من ذَلِك الحَدِيث.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي. الثَّانِي: زَائِدَة بن قدامَة أَبُو الصَّلْت الْكُوفِي. الثَّالِث: سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ. الرَّابِع: أَبُو مجلز، بِكَسْر الْمِيم. وَقيل: بِفَتْحِهَا وَسُكُون الْجِيم وَفتح اللَّام، وَفِي آخِره زَاي: واسْمه لَاحق بن حميد السدُوسِي الْبَصْرِيّ. الْخَامِس: أنس بن مَالك.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه مَنْسُوب إِلَى جده. وَفِيه: أَن أحد الروَاة مَذْكُور بنسبته. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ وهما: سُلَيْمَان ولاحق، وَسليمَان أَيْضا يروي عَن أنس بِلَا وَاسِطَة، وَهنا روى عَنهُ بِوَاسِطَة. وَفِيه: أَن الإثنان الْأَوَّلَانِ من الروَاة كوفيان والإثنان الْآخرَانِ بصريان.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد هُوَ ابْن مقَاتل عَن ابْن الْمُبَارك. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن عبيد الله بن معَاذ وَأبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن عبد الْأَعْلَى، أربعتهم عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، ثَلَاثَتهمْ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَنهُ بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ نَحوه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (على رعل) ، ورعل ورعلة جَمِيعًا قَبيلَة بِالْيمن، وَقيل: هم من سليم، قَالَه ابْن سَيّده. وَفِي (الصِّحَاح) رعل، بِالْكَسْرِ، وذكوان، قبيلتان من سليم، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رعل من الرَّعْلَة وَهِي: النَّخْلَة الطَّوِيلَة، وَالْجمع: رعال، وَهُوَ رد لما قَالَه ابْن التِّين، ضبط بِفَتْح الرَّاء، وَالْمَعْرُوف أَنه بِكَسْرِهَا، وَهُوَ فِي ضبط أهل اللُّغَة بِفَتْحِهَا، وَقَالَ الرشاطي: هُوَ رعل بن مَالك بن عَوْف بن امرىء الْقَيْس بن بهثة بن سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن حَفْصَة بن قيس غيلَان بن مُضر. وَقَالَ ابْن دحْيَة فِي (الْوَلَد) : وَلَا أعلم فِي رعل وَعصيَّة صاحبا لَهُ رِوَايَة صَحِيحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعصيَّة هُوَ: ابْن خفاف بن امرىء الْقَيْس بن بهثة بن سليم، ذكره أَبُو عَليّ الهجري فِي (نوادره) وذكوان، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْكَاف وَبعد الْألف نون، وَقد ذكرنَا أَنه قَبيلَة من سليم بِضَم السِّين الْمُهْملَة، وَقَالَ الرشاطي: ذكْوَان بن ثَعْلَبَة بن بهثة بن سليم، مِنْهُم من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

الصفحة 20