كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 7)

بعير أصلا، لِأَن الْبَعِير لَا بُد أَن يئط. قَوْله: (وَلَا صبي يغط) ، من الغطيط، يُقَال: غط يغط غطا وغطيطا إِذا صَاح. قَوْله: (والعذراء) وَهِي الْجَارِيَة الَّتِي لم يَمَسهَا رجل، وَهِي الْبكر. قَوْله: (يدمي لبانها) ، بِفَتْح اللَّام، وَهُوَ الصَّدْر، وأصل اللبان فِي الْفرس مَوضِع اللَّبن ثمَّ استعير للنَّاس، وَمعنى: يدمي لبانها يَعْنِي يدمي صدرها لامتهانها نَفسهَا فِي الْخدمَة حَيْثُ لَا تَجِد مَا تغطيه من تخدمها من الجدب وَشدَّة الزَّمَان. وَقَوله: (استكانة) أَي: خضوعا، وذلة. قَوْله: (مَا يمر) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء. قَوْله: (وَلَا يحلى) ، بِضَم الْيَاء أَيْضا. وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام، وَالْمعْنَى: مَا ينْطق بِخَير وَلَا شَرّ من الْجُوع والضعف، واشتقاق الأول: من المرارة، وَالثَّانِي: من الْحَلَاوَة، فَالْأول كِنَايَة عَن الشَّرّ، وَالثَّانِي: عَن الْخَيْر. قَوْله: (سوى الحنظل العاهي) ، الحنظل: مَعْرُوف، والعاهي: فَاعل من العاهة وَهِي: الآفة. قَوْله: (وَالْعِلْهِز) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وَكسر الْهَاء وَفِي آخِره زَاي: وَهُوَ شَيْء يتخذونه فِي سني المجاعة يخلطون الدَّم بأوبار الْإِبِل ثمَّ يشوونه بالنَّار، ويأكلونه، وَقيل: كَانُوا يخلطون فِيهِ القردان، وَيُقَال: القراد الضخم العلهز، وَقيل: العلهز شَيْء ينْبت بِبِلَاد بني سليم لَهُ أصل كأصل البرذي، قَالَ ابْن الْأَثِير: وَمِنْه حَدِيث الاسْتِسْقَاء، وَأنْشد الأبيات الْمَذْكُورَة. قَوْله: (الفسل) ، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، وَهُوَ الشَّيْء الرَّدِيء الرذل، يُقَال: فسله وأفسله. قَالَه ابْن الْأَثِير، ويروى بالشين الْمُعْجَمَة، وَقَالَ فِي بَاب الشين: الفشل والفزع وَالْخَوْف والضعف، وَمِنْه حَدِيث الاسْتِسْقَاء:
سوى الحنظل العاهي وَالْعِلْهِز الفشل
أَي: الضَّعِيف يَعْنِي الفشل مدخره، وَأكله فصرف الْوَصْف إِلَى العلهز، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لآكله. قَوْله: (الدُّرَر) ، بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء الأولى، جمع درة، بِكَسْر الدَّال وَتَشْديد الرَّاء، يُقَال: للسحاب درة، أَي: صب واندفاق.

0101 - حدَّثنا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأنْصَارِيُّ قَالَ حدَّثني أبي عَبْدُ الله بنُ المُثَنَّى عنْ ثَمامَةَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أنَسٍ عنْ أنَسٍ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كانَ إذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا وإنَّا نتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فاسْقِنَا قَالَ فيُسْقَوْنَ.
(الحَدِيث 0101 طرفه فِي: 0173) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَول عمر: (إِنَّا كُنَّا نتوسل إِلَيْك بنبينا. .) إِلَى آخِره، بَيَانه أَنهم كَانُوا إِذا استسقوا كَانُوا يستسقون بِالنَّبِيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَيَاته، وَبعده استسقى عمر بِمن مَعَه بِالْعَبَّاسِ عَم النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجعلوه كَالْإِمَامِ الَّذِي يسْأَل فِيهِ، لِأَنَّهُ كَانَ أمس النَّاس بِالنَّبِيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأقربهم إِلَيْهِ رحما فَأَرَادَ عمر أَن يصلها ليتصل بهَا إِلَى من كَانَ يَأْمر بصلَة الْأَرْحَام، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعَن كَعْب الْأَحْبَار أَن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا قحطوا استسقوا بِأَهْل بَيت نَبِيّهم، وَزعم ابْن قدامَة أَن ذَلِك كَانَ عَام الرَّمَادَة، وَذكر ابْن سعد وَغَيره أَن عَام الرَّمَادَة كَانَ سنة ثَمَانِي عشرَة، وَكَانَ ابتداؤه مصدر الْحَاج مِنْهَا ودام تِسْعَة أشهر، والرمادة، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْمِيم: سمي الْعَام بهَا لما حصل من شدَّة الجدب، فاغبرت الأَرْض من عدم الْمَطَر، وَذكر سيف فِي (كتاب الرِّدَّة) : (عَن أبي سَلمَة: كَانَ أَبُو بكر الصّديق إِذا بعث جندا إِلَى أهل الرِّدَّة خرج ليشيعهم، وَخرج بِالْعَبَّاسِ مَعَه، قَالَ: يَا عَبَّاس استنصر وَأَنا أُؤْمِن، فَإِنِّي أَرْجُو أَن لَا يخيب دعوتك لِمَكَانِك من نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر الإِمَام أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر فِي (كتاب الاسْتِسْقَاء) من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن حُسَيْن بن عبد الله عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْعَبَّاس قَالَ ذَلِك الْيَوْم: اللَّهُمَّ إِن عنْدك سحابا وَإِن عنْدك مَاء فانشر السَّحَاب ثمَّ أنزل مِنْهُ المَاء، ثمَّ أنزلهُ علينا وَاشْدُدْ بِهِ الأَصْل وأطل بِهِ الْفَرْع وأدر بِهِ الضَّرع، اللَّهُمَّ شفعنا إِلَيْك عَمَّن لَا منطق لَهُ من بهايمنا وأنعامنا. اللَّهُمَّ إسقنا سقيا وَادعَة بَالِغَة طبقًا مجيبا، اللَّهُمَّ لَا نرغب إلاّ إِلَيْك وَحدك، لَا شريك لَك، اللَّهُمَّ إِنَّا نشكوا أُليك سغب كل ساغب وَعدم كل عادم وجوع كل جَائِع وعري كل عَار وَخَوف كل خَائِف. .) وَفِي حَدِيث أبي صَالح: (فَلَمَّا صعد عمر وَمَعَهُ الْعَبَّاس الْمِنْبَر، قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: اللَّهُمَّ إِنَّا توجهنا إِلَيْك بعم نبيك وصنو أَبِيه فاسقنا الْغَيْث وَلَا تجعلنا من القانطين، ثمَّ قَالَ: قل يَا أَبَا الْفضل، فَقَالَ الْعَبَّاس: اللَّهُمَّ لم ينزل بلَاء إلاّ بذنب، وَلم يكْشف إلاّ بتوبة وَقد توجه بِي الْقَوْم إِلَيْك لمكاني

الصفحة 32