كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

وَحَرُمَ سَلَفُ: مُقَوَّمٍ وَمَعْدُومٍ، وَكُرِهَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَحَرُمَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ عَلَى مُودَعٍ بِالْفَتْحِ مَلِيءٍ أَوْ مُعْدِمٍ (سَلَفٌ) أَيْ تَسَلُّفُ شَيْءٍ (مُتَقَوِّمٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا كَمَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُودَعٍ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا لِاخْتِلَافِ الْأَعْرَاضِ فِي عَيْنِهِ، فَلَا يَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ تَمَلُّكِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ مَالِكِهِ (وَ) حَرُمَ سَلَفُ شَخْصٍ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ (مُعْدِمٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ فَقِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ مَا يَتَسَلَّفُهُ مِنْ مِثْلِيٍّ مُودَعٍ عِنْدَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ بِيَدِهِ قَدْرُهَا أَوْ زَائِدٌ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ كَالْمُعْدِمِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الشَّامِلِ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يَتَسَلَّفَ (النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ) أَيْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْمَلِيءِ تت كَذَا فِي وَدِيعَتِهَا وَفِي لُقَطَتِهَا الْمَنْعُ.
" ق " اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عُرُوضًا أَوْ مِمَّا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَكَانَ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ أَمْثَالُهُ كَالْكَتَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُوسِرِ أَيْضًا أَنْ يَتَسَلَّفَهَا. الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا، فَفِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. الْبَاجِيَّ وَهَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.
وَوَجْهُ الْجَوَازِ إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فَإِنَّهُ لَا مَضَرَّةَ عَلَى الْمُودِعِ فِي انْتِفَاعِ الْمُودَعِ بِهَا إذَا أَرَادَ مِثْلَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا وَيَتَمَسَّكَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَلِأَنَّ الْمُودِعَ قَدْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ لِلْمُودِعِ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الِانْتِفَاعِ بِظِلِّ حَائِطِهِ وَضَوْءِ سِرَاجِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ إثْمٌ اهـ.
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُ هَلْ يُلْحَقُ بِالدَّنَانِيرِ فِي الْجَوَازِ؟ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ إنْ تَسَلَّفَ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالزَّيْتَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ أَجَازَ إذَا تَسَلَّفَ ذَلِكَ أَنْ يُخْرِجَ الْمِثْلَ مِنْ ذِمَّتِهِ كَالدَّرَاهِمِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَالْعُرُوضِ لَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُ الْمِثْلِ مِنْ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجُزْ السَّلَفُ. الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي

الصفحة 10