كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

كَرَاكِبٍ

وَحَافَتَيْ نَهْرِك لِيَبْنِيَ بَيْتًا

وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَقَدِّمِ. وَقَوْلُهُ عَلَى آجِرِهِ أَتَى بِهِ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْخَلَفُ إنَّمَا هُوَ الْآجِرُ أَيْ رَبِّ الْغَنَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَقِيَّةُ شُرُوطِهَا وَتَفْرِيعَاتِهَا مَبْسُوطَةٌ فِي شُرُوحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِهَا أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ بِالرِّبْحِ، بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْغَنَمِ فَيَجُوزُ شَرْطُ رَعْيِهَا عَلَى رَاعِي أُمَّهَاتِهَا، قَالُوا لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ، وَمَا تَلِدُهُ الْغَنَمُ مَعْرُوفٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، نَعَمْ غَرَرُهُ أَخَفُّ مِنْ غَرَرِ الرِّبْحِ.
وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ بِالْخَلَفِ فَقَالَ (كَرَاكِبٍ) أَيْ مُرِيدِ رُكُوبٍ مَثَلًا اكْتَرَى دَابَّةً مَضْمُونَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا فَهَلَكَتْ قَبْلَهُ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ، فَعَلَى رَبِّهَا خَلَفُهَا قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ، وَيَحْتَمِلُ كَرَاكِبٍ تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ فَيَجِبُ خَلَفُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا تَكَارَى قَوْمٌ دَابَّةً لِيَزِفُّوا عَلَيْهَا عَرُوسًا لَيْلَتَهُمْ فَلَمْ يَزِفُّوهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَعَلَيْهِمْ الْكِرَاءُ، وَإِنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا رَجُلًا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ فَبِدَالِهِ أَوْ لِلرَّجُلِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَلْيُكْرِ الدَّابَّةَ إلَى الْمَوْضِعِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى. وَإِنْ اكْتَرَاهَا إلَى الْحَجِّ أَوْ إلَى بَيْتِ الْقُدْسِ أَوْ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَاقَهُ مَرَضٌ أَوْ سَقْطَةٌ أَوْ مَاتَ أَوْ عَرَضَ لَهُ غَرِيمٌ حَبَسَهُ فِي الطَّرِيقِ فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ، وَلَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ كِرَاؤُهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى، وَصَاحِبُ الْإِبِلِ أَوْلَى بِمَا عَلَى إبِلِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ.

(وَ) جَازَ إيجَارُ (حَافَتَيْ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُثَنَّى حَافَةٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ جَانِبَيْ (نَهْرِك ل) مَنْ أَرَادَ أَنْ (يَبْنِيَ) عَلَيْهِمَا جِدَارَيْنِ، وَيَرْفَعَهُمَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِمَا (بَيْتًا) يَجْرِي نَهْرُك مِنْ تَحْتِهِ. الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْإِضَافَةِ، فَإِنْ جَرَى نَهْرُ غَيْرِك بِأَرْضِك فَلَكَ كِرَاءُ حَافَتَيْهِ لِمَنْ يَبْنِي عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَك. ابْنُ نَاجِي قُلْت فِي دَرْسِ شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْبِنَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ اكْتَرَى جِدَارًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ لِتَضَرُّرِ الْجِدَارِ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ فَاسْتَحْسَنَهُ تت، وَفِيهِ بَحْثٌ.

(وَ) جَازَ إجَارَةُ (طَرِيقٍ فِي دَارٍ) يَمُرُّ مِنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِدَارِهِ مَثَلًا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَكْلِ

الصفحة 474