كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَحْنُونٌ لِمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى تَعْلِيمِ صِبْيَانٍ تَعْلِيمُ غَيْرِهِمْ مَعَهُمْ إنْ لَمْ يَضْرِبْهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ وَشَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ جَائِزَةٌ إنْ كَانُوا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَجْوَدَ تَعْلِيمًا مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا يَمْرَضُ أَحَدُهُمْ فَيَقُومُ الصَّحِيحُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَرَبِيَّ الْقِرَاءَةِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يَلْحَنُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَسْتَوِيَا فِي الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَعْلَمْهُمَا فَضْلٌ مِنْ الْكَسْبِ بِقَدْرِ فَضْلِ مَا عَمِلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ.
الْقَابِسِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ إلَّا إنْ يُعْرِبَ قِرَاءَتَهُ وَالْآخَرُ لَا يُعْرِبُهَا وَلَا يَلْحَنُ، وَأَحَدُهُمَا رَفِيعُ الْخَطِّ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَكْتُبُ وَيَتَهَجَّى فَهَذَا قَرِيبٌ مُغْتَفَرٌ فِي الشَّرِكَةِ فِي الصَّنَائِعِ وَالتِّجَارَاتِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِالشَّكْلِ وَالْهِجَاءِ وَعِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّعْرِ وَالنَّحْوِ وَالْحِسَابِ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ مُعَلِّمُ الْقُرْآنِ بِجَمْعِهِ لَجَازَ شَرْطُ تَعْلِيمِهِ إيَّاهُ مَعَ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ يُعِينُ عَلَى ضَبْطِهِ وَحُسْنِ مَعْرِفَتِهِ، وَهَذَا إنْ شَارَكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا مُتَفَاضِلَةً عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى قَدْرِ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّحْوِ وَالشَّعْرِ وَشِبْهِهِمَا وَالْآخَرُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْحِسَابِ مَا صَحَّتْ شَرِكَتُهُمَا. وَقِيلَ لِأَنَسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَيْفَ كَانَ الْمُؤَدِّبُونَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - "، قَالَ كَانَ لِلْمُؤَدِّبِ إجَّانَةٌ يَجِيءُ كُلُّ صَبِيٍّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ بِمَاءٍ ظَاهِرٍ يَصُبُّهُ فِيهَا يَمْحُونَ بِهَا أَلْوَاحَهُمْ، ثُمَّ يَصُبُّونَ ذَلِكَ فِي حُفْرَةٍ بِالْأَرْضِ فَيَنْشَفُ.
قُلْت الْجَوَاهِرِيُّ الْإِجَّانَةُ وَاحِدَةُ الْأَجَاجِينَ وَلَا يُقَالُ إنْجَانَةٌ، وَفِي بَابٍ آخَرَ الْمِرْكَنُ بِالْكَسْرِ الْإِجَّانَةُ الَّتِي تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ. ابْنُ سِيدَهْ يُقَالُ إجَّانَةٌ وَإِنْجَانَةٌ، وَبِنَبْغِي أَنْ يُصَبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ بِالْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَكَانَ مُعَلِّمُنَا يَأْمُرُنَا بِصَبِّهِ فِي حُفْرَةٍ بَيْنَ الْقُبُورِ، وَيَنْبَغِي التَّحَفُّظُ مِنْهُ لِأَنَّ غَالِبَ الصِّبْيَانِ لَا يَتَحَفَّظُونَ فِي أَيْدِيهمْ مِنْ نَجَاسَةِ أَبْوَالِهِمْ. مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ كَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ مِنْ الْمُرُوءَةِ أَنْ يُرَى فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ وَشَفَتَيْهِ مِدَادٌ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ.

الصفحة 483