كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

وَبِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ. قُدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَازَ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ، وَيُسَاعِدُ هَذَا التَّوْفِيقُ كَلَامَ ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ عَلَى قَوْلِ التَّهْذِيبِ وَلَا يَبْنِي إلَخْ، قَالَ فِي الْأُمِّ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالنَّصِّ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. وَذَكَرَ أَبُو عُمْرَانَ الْمَظَاهِرَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ، هَلْ ظَاهِرُ الْمَسْجِدِ كَبَاطِنِهِ أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ يُوهِمُ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلٍ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ، مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ، بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ عُلْوٌ وَسُفْلٌ فَحَبَسَ الْعُلْوَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى قَوْلِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَكُرِهَ يُرِيدُ يَكُونُ تَحْبِيسُ الْمَسْجِدِ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ اهـ.

(وَ) تَصِحُّ الْإِجَارَةُ (بِمَنْفَعَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمَنْفَعَةُ مَا لَا تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ حِسًّا دُونَ إضَافَةٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ غَيْرَ جُزْءٍ مِمَّا أُضِيفَ إلَيْهِ، فَتَخْرُجُ الْأَعْيَانُ وَنَحْوُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدَّابَّةِ مَشَاعًا، وَهِيَ رُكْنٌ لِأَنَّهَا عِوَضُ الْأُجْرَةِ (تَتَقَوَّمُ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدُ الْوَاوِ، أَيْ لَهَا قِيمَةٌ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِمَنْفَعَةٍ تَافِهَةٍ حَقِيرَةٍ جِدًّا لَا قِيمَةَ لَهَا كَالْإِيقَادِ مِنْ نَارٍ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَمِنْ شُرُوطِهَا كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً فَمَا لَا تُقَوَّمُ مَنْفَعَتُهُ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ.
(قَاعِدَةٌ)
مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَلَا أَخْذُ عِوَضِهَا كَسَاكِنِ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إيجَارُ مَكَانِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مَنْفَعَتَهُ، بَلْ مَلَكَ انْتِفَاعَهُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ فَسَّرُوا نَتَقَوَّمُ بِمَا لَهَا قِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا يَصِحُّ إيجَارُ تُفَّاحَةٍ لِشَمِّهَا وَطَعَامٍ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي فُرُوعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهَا مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا، مِنْهَا إجَارَةُ مُصْحَفٍ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَإِجَارَةُ شَجَرٍ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهِ (قُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا (عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْقَرَافِيُّ.

الصفحة 493