كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

وَلَوْ مُصْحَفًا، وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا، وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ كَرَغِيبَةٍ وَضُحًى وَصَوْمِ عَاشُورَاءَ وَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَعُمْرَةٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ مُتَعَيِّنٍ وَالْتِقَاطِ لُقَطَةٍ خِيفَ عَلَيْهَا الْخِيَانَةُ، فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِتَعَيُّنِهِ عَلَى الْأَجِيرِ. ابْنُ يُونُسَ لَا جَعَلَ لِمَنْ وَجَدَ ضَالَّةً وَأَتَى بِهَا، إذْ لَا جَعَلَ فِي رَدِّ الْأَمَانَةِ إلَى رَبِّهَا. ابْنُ رُشْدٍ الْجُعْلُ لَا تَجُوزُ فِيمَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِعْلُهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ قَالَ دُلَّنِي عَلَى امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَلَك كَذَا فَدَلَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَشِرْ عَلَيَّ وَانْصَحْ لِي فِي ذَلِكَ، وَهَذَا لَوْ سَأَلَهُ دُونَ جُعْلٍ لَلَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلُهُ لِحَدِيثِ الدِّينُ النَّصِيحَةُ. ابْنُ شَاسٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الِاسْتِنَابَةِ عَلَى الْحَجِّ وَالْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا حَمْلُ الْجِنَازَةِ وَحَفْرُ الْقَبْرِ وَغَسَلَ الْمَيِّت فَتُجْزِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَالْأُجْرَةُ. وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِمَامَةِ مَعَ الْأَذَانِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى الصَّلَاةِ بِانْفِرَادِهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، وَلَا عَلَى الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا تُجْزِي النِّيَابَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِمَا، وَتَصِحُّ إجَارَةُ مَالِهِ مَنْفَعَةٍ مُتَقَوِّمَةٍ مَقْدُورَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا غَيْرَ مَحْظُورَةٍ وَلَا مُتَعَيِّنَةٍ إنْ كَانَ غَيْرَ مُصْحَفٍ وَأَرْضٍ غَمَرَهَا الْمَاءُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهَا وَشَجَرٍ لِتَجْفِيفِ ثِيَابٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُصْحَفًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ كِتَابًا مُشْتَمِلًا عَلَى الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِحَوْزِ إجَارَةِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَكَثِيرٌ مِنْ التَّابِعِينَ بَيْعَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا لَمْ تَجْعَلْهُ تَجْرًا، أَمَّا مَا عَمِلْته بِيَدِك فَجَائِزٌ. وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كِتَابَتِهِ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا لَمْ تَجْعَلْهُ تَجْرًا هَلْ مَعْنَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَوْ فَيُكْرَهُ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِمَنْعِ ابْنِ حَبِيبٍ إجَارَتَهُ.
(وَأَرْضًا غَمَرَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ أَيْ كَثُرَ (مَاؤُهَا) الْجَارِي عَلَيْهَا (وَنَدَرَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ قَلَّ جِدًّا (انْكِشَافُهُ) أَيْ زَوَالُ الْمَاءِ عَنْ الْأَرْضِ فَيَصِحُّ كِرَاهَا وَالْمَاءُ الْكَثِيرُ غَامِرُهَا. وَأَمَّا مَا لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ كِرَاؤُهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَمَاؤُهَا غَامِرٌ وَانْكِشَافُهُ

الصفحة 495