كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

وَلَا تَعْلِيمِ غِنَاءٍ أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ: لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ، وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ، وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ كُلَّ مَا يَفْتَرِقُ قَلِيلُهُ مِنْ كَثِيرِهِ فَثُلُثُهُ يَسِيرُ إلَّا الْجَوَائِحِ وَمُعَاقَلَةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ، وَجَمَعَهَا " غ " فِي قَوْلِهِ:
فَالثُّلْثُ نَزْرٌ فِي سِوَى الْمُعَاقَلَهْ ... ثُمَّ الْجَوَائِحُ وَحَمْلُ الْعَاقِلَهْ
(وَ) لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (تَعْلِيمِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا، أَيْ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِالْأَهْوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي عِلْمِ الْمُوسِيقَى. وَأَمَّا الْمَقْصُورُ فَهُوَ الْيَسَارُ، وَكَذَا عَلَى تَعْلِيمِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِ الطَّرَبِ كَالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ، وَهَذَا مِنْ مَفْهُومِ بِلَا حَظْرٍ. الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ أَجْرِ الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ وَلَا فِي حُرْمَةِ مَا يَأْخُذُهُ الْكَاهِنُ وَلَا يَحِلُّ مَا يَأْخُذُهُ الَّذِي يَكْتُبُ الْبَرَاءَةَ لِرَدِّ التَّلِيفَةِ لِأَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَمَّنْ ذَهَبَتْ لَهُ حَوَائِجُ فَقَرَأَ فِي دَقِيقٍ وَجَعَلَ يُطْعِمُهُ أُنَاسًا اتَّهَمَهُمْ، وَمِنْهُمْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ فَقَالَتْ إنْ أَطْعَمْتُمُونِي أَمُوتُ فَأَطْعَمُوهَا مِنْهُ فَمَاتَتْ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ. وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ عَلَى حِلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَرَبِيَّةٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَجَمِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ خِلَافٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَكَرَّرَ نَفْعُهُ جَازَ. (وَ) لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ) لِتَكْنُسَهُ لِحُرْمَةِ دُخُولِهَا فِيهِ وَمِثْلُهَا إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِكَنْسِ كَنِيسَةٍ أَوْ رَعْيِ خِنْزِيرٍ أَوْ لِعَمَلِ خَمْرٍ فَيُفْسَخُ وَيُؤَدَّبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ فَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّصَدُّقَ بِالْأُجْرَةِ (أَوْ) كِرَاءِ (دَارٍ) أَوْ أَرْضٍ (لِتُتَّخَذَ) بِضَمِّ التَّاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ (كَنِيسَةً) أَوْ بِيعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ لِيُبَاعَ فِيهَا الْخَمْرُ وَلِاجْتِمَاعِ الْمُفْسِدِينَ (أَوْ بَيْعِهَا) أَيْ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ (لِذَلِكَ) أَيْ اتِّخَاذِهَا كَنِيسَةً أَوْ نَحْوَهَا (وَإِنْ) نَزَلَ (تُصَدَّقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (بِالْكِرَاءِ) كُلِّهِ إنْ أُكْرِيَتْ (وَبِفَضْلِهِ) أَيْ زِيَادَةِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ بَيْعًا جَائِزًا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ.

الصفحة 498