كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل (اسم الجزء: 7)

وَلَا مُتَعَيِّنٍ: كَرَكْعَتِي الْفَجْرِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَارِهِ أَوْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ وَبِفَضْلَةِ الْكِرَاءِ تُقَوَّمُ الدَّارَانِ، لَوْ بِيعَتْ أَوْ كُرِيَتْ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَيُعْلَمُ الزَّائِدُ فَيُتَصَدَّقُ بِهِ، لِأَنَّهُ ثَمَنُ مَا لَا يَحِلُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ فِي الْبَيْعِ وَبِالْجَمِيعِ فِي الْكِرَاءِ. ابْنُ يُونُسَ وَبِهَذَا أَقُولُ.

(وَلَا) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ (مُتَعَيِّنٍ) أَيْ مَطْلُوبٍ مِنْ عَيْنِ الْأَجِيرِ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ (كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَرَكْعَةِ الْوِتْرِ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ لِاجْتِمَاعِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِوَاحِدٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. طفي فَلَيْسَ الْمُرَادُ كُلَّ مَنْدُوبٍ بَلْ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ. ابْنُ فَرْحُونٍ هَذَا حُكْمُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ. وَفِي فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] قَالَ إنْ قَرَأَ وَأَهْدَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ أَجْرُهُ لِلْمَيِّتِ وَوَصَلَ إلَيْهِ نَفْعُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دَخَلَ مَقْبَرَةً وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَهْدَى ثَوَابَهَا لَهُمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ مِنْ دُفِنَ فِيهَا» الْقَرَافِيُّ الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَصِلُ اتِّفَاقًا كَالْإِيمَانِ، وَقِسْمٌ يَصِلُ اتِّفَاقًا كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِلُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ يَصِلُ، ثُمَّ قَالَ فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ فَلَعَلَّ الْحَقَّ هُوَ الْوُصُولُ، فَإِنَّهُ مُغَيَّبٌ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ الَّذِي اعْتَادَ النَّاسُ يَنْبَغِي عَمَلُهُ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى. ابْنُ الْعَرَبِيِّ أُوصِيك بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى شِرَاءِ نَفْسِك مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ تَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْتِقُك وَيَعْتِقُ مَنْ تَقُولُهَا عَنْهُ مِنْ النَّارِ وَرَدَ بِهِ

الصفحة 499