كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

وعليه نستنتج أن جزئية السكر التي تكونت وخلقها اللّه تعالى من اتحاد CO 2 مع الماء بوجود ضوء الشمس واليخضور أعادها إلى ما تكون منها عند حرقه في جسم الكائن الحي (دون احتراق جسم الكائن)، فالذي قدر على الإحياء قادر على الإعادة قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) (يس: 79)، فمن يفهم ما ذا تحمل هذه الآية في طياتها من معان مبدعة تكشف أسرارها العلوم التي وهبها العلي القدير لعباده.
ثم يذكر البارئ عز وجلّ ظاهرة طبيعية تتكرر لدينا يوميا وفي كل لحظة في أجسامنا وحوالينا بقوله تعالى الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) (يس: 80)، فيعني أن الذي يحيي العظام وهي رميم هو ذاته الذي يحول CO 2 ( الذي لا يرى بالعين المجردة رغم ملامسته لأجسامنا دون أن نشعر بذلك)، والماء (لا ترى جزيئاته حتى بالمكرسكوب الأيوني) في الشجر الأخضر بعملية التركيب الضوئي إلى مواد كاربوهيدراتية كسكر الكلوكوز والنشاء ذات القوام الصلب وهو قادر أيضا على أن يعيدها - أي سكر الكلوكوز والنشاء بعد تحويله إلى سكر كلوكوز - تارة أخرى في جسم الكائن الحي إلى أصله ( co 2+h 2 o ). إذن أ ليس ذلك بقادر على أن يحول العظم الرميم الذي يرى بالعين ويمكن لمسه مخلوقا جديدا، فمنه البداء وإليه المعاد «1».
أمر عجيب آخر هو أن عناصر عملية التركيب الضوئي الأساسية واحدة وهي:
الماء+ ضوء الشمس+ المادة الخضراء (الكلوروفيل أو اليخضور) + ثاني أوكسيد الكربون+ نوع التربة والعناصر الكيميائية الموجودة فيها والتي تختلف بنسبها من منطقة لأخرى. ورغم ذلك إلا أننا نلاحظ أن الثمار تختلف من نبتة إلى أخرى، فمنها الحلو ومنها الحامض ومنها المر اللاذع ومنها بين بين، كما أن منها الجميل ومنها القبيح، ترى لما ذا؟. يفسر العلماء هذه الظاهرة بأن العمليات البيوكيميائية التي تحصل بعناصر التركيب الضوئي هذه تختلف درجتها حسب اختلاف النبات نفسه، فشكل الورقة الحاوية على اليخضور وحجمها وترتيب مساماتها وتركيز المادة الخضراء فيها،
______________________________
(1) عن كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، ولتفاصيل أكثر دقة ولفهم روعة السبق القرآني المذهل في موضوع الكيمياء الحياتية والهندسة الكيميائية عموما، أرجو من القارئ الكريم الرجوع للكتاب المذكور، الباب الثاني الفصل السادس.

الصفحة 10