كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 7)

ونوع الجذور وشكلها، وطول الساق وكبر مقطعه، ونوع اللحاء والخشب، ونوع التربة، وكمية ضوء الشمس وثاني أوكسيد الكربون والأوكسجين الموجود في المنطقة، كلها تؤدي إلى أن ناتج عمليات تكوين الغذاء في النبتة أي الثمر يختلف عن جارتها النبتة الأخرى.
هذا بالضبط ما نوه إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: وفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وزَرْعٌ ونَخِيلٌ صِنْوانٌ وغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)، (الرعد: 4).
ترى كيف تفاهمت خلايا الجذر مع خلايا الساق مع مثيلاتها في الأوراق كي يتكون نباتا جذره إلى الأسفل في التربة ليمتص منه ما يحتاج من المياه والأملاح والمركبات الأخرى، وساقه إلى الأعلى نحو السماء ليأخذ من الشمس ما تحتاجه الأوراق من الضوء لإكمال العملية العجيبة - عملية التركيب الضوئي - وفي نفس الوقت عليه أن يتحمل الرياح الشديدة ليمنع قلع النبتة بسبب الدفع الشديد، وأوراقه الخضراء - المعامل - التي تحصل بها تفاصيل هذه العملية المعقدة، وكل ذلك بنسب دقيقة من المياه والغازات والمركبات الأخرى والضوء لا تعرف التبديل والتحريف ولا يمكن لأدق أنواع السيطرات المعملية من التحكم بدقتها بالشكل الذي يحصل في الواقع على هذا الأسلوب البديع، حتى أن هذه النسب في البرتقال مثلا تختلف عن النارنج رغم أنهما من نفس الفصيلة والعائلة ورغم أنهما يسقيان من ماء واحد ويزرعان في تربة واحدة؟.
الجواب العلمي هو الكروموسومات المتناهية الصغر المسئولة عن نقل الصفات الوراثية، تلك الدقائق تحمل كل هذه المعلومات، فمن أودعها فيها إذا كنا نحن البشر بكل إمكاناتنا العقلية والتقنية لا نزال نجهل التقنية التي يتم بها ذلك؟.
الجواب أيها الأخوة الأكارم، اللّه تبارك وتعالى خالق كل شيء والمتحكم بكل شيء، فما بال كبرنا يمنعنا من الاعتراف بهذه الحقيقة الدامغة، فتمعن بقوله تعالى في الآية الآنفة الذكر من سورة الرعد وكن من القوم الذين يعقلون.
ثم ارجع عقلك مرة أخرى ليتدبر كل ما سبق من وصف بسيط لآلية العمل المعقدة في النبات وتدبر قوله تعالى لتكن من القوم الذين يعدلون:
أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ والْأَرْضَ وأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ

الصفحة 11